الدكرورى يكتب هل قتل الزوجه هو الحل ؟ بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
الدكرورى يكتب هل قتل الزوجه هو الحل ؟
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
لقد وصلنا فى هذه الأيام إلى أحوال تصل إلى حد الغرابه والعجب، وتطير منها العقول بل وتجن من هذه الأعمال الذميمه العقول وقد وصلنا إلى مرحلة قتل الأزواج بطرق بشعه لا يتصورها عقل ولا بشر، ولكن يجب علينا أولا أن نعلم أن الأسرة هى أساس المجتمع، منها تتفرق الأمم وتنتشر الشعوب، ونواة بنائها الزوجان، وبقيام الزواج تنتظم الحياة، ويُحفظ الحياء، وينعم البال، ويستقيم الحال، وبالزواج المشروع يتحقق العفاف والحصان، والنسل الصالح والجيل الخيّر لا ينبت ولا يتربى إلا في أحضان زوجية شرعية، بين أبوة كادحة وأمومة حانية، وفي الذرية الصالحة والاستكثار منها العز والفخار للدين والأسرة والمجتمع.
بل إن الإسلام ليرقى بمشاعر المسلم ويسمو بروحه ويثبت في أحاسيسه أن الزواج عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، حتى في قضاء شهوته، فهو يرجو خيرها وفضلها وثوابها، ومن هنا يقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " وفي بُضْع أحدكم صدقة" والزواج سكن لكلا الزوجين، فيقول العلماء، فإذا كان آدم عليه السلام، وهو في الجنة بحاجة إلى زوجة ليسكن إليها، فلحاجة ذريته من بعده في الدنيا إلى ذلكم السكن من باب أولى، ولقد حثّ الإسلام على اختيار الزوجة الصالحة ذات الخُلق الراقي والتعامل العالي، والسؤال عن حال الخاطب والمخطوبة أمر لازم لمعرفة ما قد يخفى في أحدهما من مساوئ أو محاسن، وعلى المسؤول الصدق في الجواب، والبيان بكل وضوح وأمانة.
فكتمان عيوب أحدهما عند السؤال نوع من الغش للمسلمين، والإسلام دين العدل والرحمة، وقد أمر الشباب بالزواج وحث على تيسير مهره، وإذا قلّ المهر علت المرأة وشرفت عند الزوج مكانتها وزادت بركتها، ففي الحديث الشريف "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة"، أي: أيسرهن نفقة، والمرأة ليست سلعة يغالى في مهرها، وإنما ثمنها بدينها وعفافها، والرجل لا يوزن بالمال، وإنما ميزانه المعاملة وحسن الخلق، وأيضا يجب أن نعلم أن ليلة زفاف الزوجة إلى زوجها من نعم الله العظيمة، والنعمة لا تشكر بالخطيئة، فالابتهاج بها لا يكون بترك الصلاة ونزع الحياء، والفرح المشروع يُظهر التعبير عنه من غير سهر فاحش، والزوجان الراشدان الموفَّقان يمنعان وقوع المعاصي في زواجهما.
لعلمهما أن المعصية لها أثر على زواجهما، فالذنوب تعسر الأمور، وتوحش القلب بين الزوجين، وكلما كان الزواج أقرب إلى الصواب كان أحرى بالتوفيق، والزواج عقد موثق غليظ لا يُشاب بخطيئة ولا يعرض للانهيار بمعصية.. فواجب المجتمع المسلم التكافل بما يجعل أبناء المسلمين يرغبون في الزواج ويقبلون عليه، ويجب علينا أن نعلم أنه لا تخلو علاقة بشرية عن مشكلات تنشأ بين طرفيها، أو خلاف في وجهات النظر يطرأ إزاء موضوع أو مسألة معينة، والعلاقة الزوجية باعتبارها نشاطا بشريًا ليست بمنأى عن ذلك، فهي شراكة بين طرفين مختلفين باختلاف عقليتهما وخصائصهما النفسية وإمكاناتهما الجسدية التي حبا الله كلاً منهما، فافتراضية نشوء المشكلات أمر وارد.
ولا سيما مع ضغوط الحياة المعاصرة، وكثرة متطلبات الأسرة والأبناء، إلا أن الكفاءة تكمن هنا في إمكانية التغلب على المشكلات وحلها بطريقة سليمة، تخرج بالأسرة إلى بر الأمان، وتزيد أواصر المحبة بين الزوجين، ويستطيع المتأمل في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقف على أساليب شتى لمعالجة المشكلات الأسرية، سواء تلك التي نشأت بسبب الزوجة أو التي تسبب فيها الزوج، والعلاقة الزوجية تقوم في الأساس على الاحترام المتبادل بين الزوجين رجلاً وامرأة، وتقوم في الأساس على مبدأين عظيمين كفيلين بإرساء حالة من السلام والمودة والوئام بين أطراف الأسرة، وهما مبدآ القوامة والطاعة، فمبدأ القوامة يقتضي وجود مرجعية واحدة لقيادة المنزل.
وذلك بعد التشاور والتفاهم في الأمور المصيرية التي تطرأ على دفتر أحوال البيت، ومن جانب آخر تقضي كذلك بإلقاء المسؤوليات والتبعات كالإنفاق والتصدي للنوازل المنزلية الخارجية والداخلية، وعلى الزوج، بما يضمن للزوجة حالة من الراحة البدنية والنفسية، نظرًا لعدم تكليفها بما لا تطيق من الأعباء داخل المنزل وخارجه، وإن العلاقة الزوجية إذا بنيت على أساس الإيمان والتقوى، والمحبة والرحمة والمودة، فلا خوف عليها إطلاقًا ولا خطر، وإن وقع بين الزوجين خلاف، فإنه يُفضُّ بالتفاهم بلا تفاقم، وذلك لأن القلب المحب يتحمل الإساءة، ويصبر على صاحبها، ومعلوم أن الحياة الزوجية لا تخلو من خلاف ونكد، ولولا صبر الزوجين وتحملهما بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.
لما عاش زوجان حياتهما معًا، وإن البيت السعيد هو الذي يجد فيه الرجل راحته، وينال فيه سعادته، ويشعر بالأمن والطمأنينة، والسعادة والسكينة، ففيه الزوجة الحنون، التي ذكرها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى حديثه " في المرأة الصالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله" وأيضا فالزواج فيه الذرية الصالحة التي تقرّ لها عينه، وتكون عونًا له على الطاعة، وطريقًا إلى القرار في دار السعادة، وهي الذخر له في الحياة وبعد الممات عندما يقف بين يدي ربه، فيرى حسنات لم يعملها، فيقول: رب من أين لي هذه؟ فيقال له: باستغفار ولدك لك، فما أعظم هذه النعمة التي امتن الله عز وجل، بها علينا.
ولكن للأسف الشديد ظهر في مجتمعنا مشكلات كثيرة بين الأزواج والزوجات، وساءت المعاشرة بينهم بسبب جهلهم بالدين وأحكامه، وتخليهم عن سنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه، فكثرت الخلافات الزوجية، وفقد الأزواج نعمة الله عليهم بالمودة والرحمة، وحلت مكانها العداوة والبغضاء، وعشعشت في البيوت كثير من الأدواء حتى صار البعض من الأزواج والزوجات يتمنى ألا يرى الآخر، لكي ينال الراحة والهناء، وما كان ذلك إلا بسبب غياب الوازع الإيماني الذي يضفي السعادة على حياتهما، والمشكلات التي تحدث بين الزوج وزوجته قد تكون بسبب سوء خلقه، ومعاملته القاسية، وقد يجرحها، وقد يضربها، وقد يؤذيها في أهلها، وهنا يفرح الشيطان فيتدخل للإفساد بينهما.
ويتسبب في الطلاق الذي يبغضه الله تعالى، فلماذا تحدث هذه الخلافات؟ ولماذا يحدث الطلاق؟ ولكن إذا وصلت الأزواج إلى هذه المرحله فهل يجوز أن يكون الحل بينهما هو القتل وتخلص أحدهما من الآخر، وهل يوجد دليل في القرآن أو السنّة بجواز قتل الرجل زوجته حتى إذا وجدها ترتكب فاحشه مثل أن تزني أو غيره من أنواه الفسق والمجون ولم يكن له شهود، أو حتى له شهود على ذلك؟ فيجب علينا أن نعلم أن الشرع الحكيم يقصد إلى إقامة المجتمع الإسلامي على أحسن سبيل وأقوم طريق، وإلى إبعاده عن الفوضى واضطراب الأمور، فجعل أمر تنفيذ الحدود إلى الحاكم، ولم يكل ذلك إلى عامة الناس، تحقيقاً لهذا المقصد، لذا فلا يجوز للرجل قتل زوجته إذا وجدها متلبسة بالزنا.
بل الواجب في حقه اتباع ما جاء به الشرع، فالقتل جريمة شنعاء توجب اللعنة، وتطرد من الرحمة، وهى جريمة على الرغم من عظمها إلا أنها تتوالى عبر العصور، وتتكرر بتكرر الأجيال، والشيطان أشدُّ ما يكون حرصًا عليها، لأنه يضمن بها اللعنة للقاتل، وسخط الله وغضبه، وهى جريمة وأي جريمة، هي وهج الفتن، ووقود الدمار، ومعول الهدم، نعم إنها جريمة القتل، جريمة إزهاق النفس التي حرم الله، جريمة توجب سخط الله والنار والعذاب الأليم، فينتظر القاتل من عذاب وعقوبة، أربع عقوبات عظيمة كل واحدة منها توجل القلب وتفزع النفس وتزلزل الكيان وترعب الجنان، فالأولى هو جهنم خالدًا فيها، والعقوبة العظيمة الثانية التي تنتظر القاتل هو غضب الله عز وجل.
والعقوبة الثالثة، ويا لها من عقوبة: اللعن، أي طرده الله وأبعده عن رحمته، والعقوبة الرابعة هى ( وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) وليس هذا كل شيء، وإنما مشاهد الخزي لم تنتهى للقاتل، فكما أن الآخرة ينتظره فيها ما سمعتم من ويل وخزي، فإن في الدنيا قبل ذلك كله ينتظره خسران وذل، وذلك مصير من عصى ربه وتعدَّى حدوده، سواء كان رجل أو امرأه، وفى النهايه فلا يوجد دليل على جواز قتل الرجل زوجته الزانية، ولكن من دخل على زوجته فوجدها تزني والعياذ بالله، فإن كان معه شهود أربعة يشهدون، فليُشهدهم ويذهب بهم، إن أراد، إلى القضاء الشرعي، ليدعي على زوجته بالزنا، ويقيم البينة على ذلك، ليقام عليها وعلى الزاني الحد.
وإن لم تكن له بينة : فقد شرع له القرآن الملاعنة أمام القضاء الشرعي أيضا، وقد قيل، أما إن تملكه الغضب فقتلها، وقتل الزاني بها أيضا، فإن كان معه أربعة شهود يشهدون على فعلهما للزنا، أو شهد ورثة القتيل بذلك، فلا شيء عليه من قصاص أو دية، ويؤيد ذلك، قول الإمام على رضى الله عنه " أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا، فقتله، فقال: إن لم يأتى بأربعة شهداء، فليعط برمته، فإن اعترف الولى بذلك، فلا قصاص على قاتل ولا دية " وفى الحديث الشريف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش وللعاهر الحجر " رواه البخاري، ومسلم، وأن يقول الزوج أربعا : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، ويزيد في الخامسة : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. والله تعالى أعلم.
تعليقات
إرسال تعليق