الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء الرابع) إعداد محمـــد الدكــــرورى
الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء الرابع)
إعداد محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الرابع ومع الخليفه مروان بن محمد، وكان لما استقر مروان في حران أقام فيها ثلاثة أشهر فانتقض عليه ما كان انبرم له من مبايعة أهل الشام، وحران هى مدينة قديمة في بلاد ما بين النهرين حيث تقع حالياً جنوب شرق تركيا عند منبع نهر البليخ وهو أحد روافد نهر الفرات وقد ذكرت في التوراة على أنها المدينة التي استقر فيها النبي إبراهيم عليه السلام، بعد هجرته من أور، وقد سميت عند الرومان باسم كارهاي، وقد دخلها المسلمون فيما بعد، وتعد سهول حران من المناطق الزراعية الرئيسية في الجزيرة الفراتية، وهي مزروعة بالمحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير والأشجار المثمرة مثل اللوز، وقد كانت هذه المدينة تابعة لولاية حلب العثمانية، ولسورية حسب معاهدة سيفر.
والتي أنهت الحرب العالمية الأولى، ولكن معاهدة لوزان، وضعت المدينة مع بقية الأقاليم السورية الشمالية ضمن الحدود التركية، ومع الخليفه مروان بن محمد فنقض أهل حمص وغيرهم، وحمص هي مدينة سورية، وتعتبر ثالث أكبر مدن البلاد من حيث عدد السكان، بعد دمشق وحلب، وهى تقع على الضفة الشرقية لنهر العاصي، وهى متوسطة البلاد وواصلة المحافظات والمدن الجنوبية بالمحافظات والمدن الساحليّة والشمالية والشرقية، على بعد حوالي مائه واثنين وستين كيلو متر، من شمال العاصمة دمشق وهي العقدة الأكبر للمواصلات في سوريا بحكم موقعها، وهو ما أكسبها موقعا تجاريا فريدا، وأغناها بالعديد من المرافق الحيوية والصناعية والتجارية، فضلا عن ذلك.
فإن المدينة هي المركز الإداري لمحافظة حمص، وكان سبب ذلك من نقض المعاهده من أهل حمص، هو أن مروان لما عاد إلى حران بعد فراغه من أهل الشام أقام ثلاثة أشهر فانتقض عليه أهل حمص وكان الذي دعاهم إلى ذلك ثابت ابن نعيم وراسلهم وأرسل أهل حمص إلى من بتدمر من بنو كلب، وبنو كلب هى قبيلة عربية من قضاعة، ومنهم قبيلة الشرارات وهى قبيلة عريقة من أكبر قبائل شمال شبه الجزيرة العربية وتنتسب إلى قبيلة كلب القحطانية وذلك ثابت ومتوارث لدى كافة هذه القبيلة التي كانت منازلها هي منازل قبيلة الشرارات الحالية كما أكدته جميع المصادر التاريخية، وقيل عن نسب الشرارات إلى كلب، وهو مما لاشك فيه أن قبيلة الشرارات التي تقطن هذا الوادي.
وتقطن أيضا في الجوف ترجع في أصلها إلى قبيلة بنى كلب القحطانية العريقة، وهم بنو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة، فأتاهم الأصبغ بن ذؤالة الكلبي وأولاده ومعاوية السككي وكان فارس أهل الشام وغيرهما في نحو من ألف من فرسانهم فدخلوا ليلة الفطر، فجد مروان في السير إليهم ومعه الخليفة المخلوع إبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام وكان قد آمنهما وأكرمهمها، فبلغ مروان حمص، وقد سد أهلها أبوابها فأحدق بالمدينة ووقف بإزاء باب من أبوابها فنادى مناديه الذين عند الباب: ما دعاكم إلى النكث، قالوا إنا على طاعتك لم ننكث، قال: فافتحوا الباب، ففتحوا الباب فدخله عمر بن الوضاح في الوضاحية وهم نحو من ثلاثة آلاف فقاتلهم من في البلد.
فكثرتهم خيل مروان فخرج بها من بها من باب تدمر فقاتلهم من عليه من أصحاب مروان فقتل عامة من خرج منه وأفلت الأصبع بن ذؤالة وابنه فرافصة وقتل مروان جماعة من أسرائهم واصاب خمسائة من القتلى وهدم من سور المدينة، وقد خالف أهل الغوطة وولوا عليهم يزيد بن خالد القسري وحاصروا دمشق وأميرها زامل بن عمرو، فوجه إليهم مروان من حمص أبو الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي وعمر بن الوضاح في عشرة آلاف، وكان مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي القيسي، ويكنى أبا الورد، وهو من رؤساء القبائل القيسية في الشام، ومن حلفاء مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، وقد ثار على بني العباس في قنسرين، وقتل عاملهم فيها، وانضم إليه أهل حلب.
ثم انضم إليه زياد السفياني، والذي كان قد ثار سابقا على بني أمية متحالفا مع قبائل كلب اليمانية وهى المنافسة للقيسية، ومع أهل تدمر، وهذا هو التحالف الأول للقيسية، واليمانية ضد بني العباس، فكانت نتيجة التحالف هزيمة جيش يقوده عبد الصمد بن علي العباسي، فكان أن ساعد أخوه عبد الله بن علي العباسي بجيش هزم الثائرين في مرج الأجم وهى قرب حلب، وقتل أبو الورد في المعركة، فلما دنوا من المدينة حملوا عليهم وخرج عليهم من بالمدينة فانهزموا واستباح جيش مروان عسكرهم وأحرقوا المزة وبعض قرى اليمانية، واستجار يزيد بن خالد القسري وأبو علاقة الكلبي برجل من أهل المزة من لخم، ولخم هى قبيلة عربية من اتحاد تنوخ القبلي كانو يقطنون في بلاد الشام سابقا.
وقد استوطنت في الحيرة العراق وكانت منازل هذي القبيلة في الجاهلية في العراق والشام هم فرع من التنوخيين وكان منهم المناذرة ملوك الحيرة، وقد دخلت قبائل جذام ولخم المسيحية وسكنوا مصر قبل الإسلام، ولما استجار يزيد بن خالد القسري وأبو علاقة الكلبي بأهل المزه من لخم، دل عليهم زامل بن عمرو فقتلهما وبعث برأسيهما إلى مروان وهو بحمص، وقد خرج ثابت بن نعيم بعد أهل حمص والغوطة، وهى غوطة دمشق تحيط بمدينة دمشق من الشرق والغرب والجنوب وهى تتبع دمشق وريف دمشق وهي سهل ممتد من بساتين غناء من أشجار الفاكهة حيث تعد من أخصب بقاع العالم، وقد جاء في كتاب عجائب البلدان، أن الغوطة هي الكورة التي قصبتها دمشق.
وهى كثيرة المياه نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار مونقة الأزهار ملتفة الأغصان خضرة الجنان، وهى استدارتها ثمانية عشر ميلا كلها بساتين وقصور تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها ومياها خارجة من تلك الجبال وتمتد في الغوطة عدة انهار وهى أنزه بقاع الأرض وأحسنها، وقيل أنها هى إحدى جنات الدنيا والغوطة عبارة عن غابة من الأشجار المثمرة البساتين وكان القدماء يعدونها من عجائب الدنيا، وتشتهر غوطة دمشق بخصوبة الأرض وجودة المياه حيث تغذي بساتين الغوطة مجموعة من الأنهار الصغيرة من فروع نهر بردى وشبكة من قنوات الري وهي عبارة عن بساتين من شتى أنواع أشجار الفاكهة وبساط اخضر ممتد فيه كل أنواع الخضروات ومن أشهر فواكه وثمار الغوطة.
هى ثمرة المشمش بأنواعه البلدي والحموي والتوت وهو التوت الشامي، والخوخ والارصيه والدراق والكرز والجوز وكذلك تشتهر بزراعة كافة أنواع الخضار والذرة الشامية الشهيرة والزهور، وربيع الغوطة له رونقه وجماله المميز حيث الربيع بكل معانيه، وتقسم الغوطة إلى قسمين متصلين هما: الغوطة الغربية والغوطة الشرقية، وبعد أن خرج ثابت بن نعيم بعد أهل حمص والغوطة، كان خروجه في أهل فلسطين وانتقض على مروان وأتى طبرية فحاصرها وعليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم، فقاتله أهلها أياما، فكتب مروان بن محمد إلى أبي الورد يأمره بالمسير إليهم فما قرب منهم خرج أهل طبرية على ثابت فهزموه واستباحوا عسكره وانصرف إلى فلسطين منهزما وتبعه أبو الورد فالتقوا واقتتلوا.
فهزمه أبو الرود ثانية وتفرق عنه أصحابه، وأسر أبو الورد ثلاثة من أولاد ثابت فبعث بهم إلى مروان وهم جرحى فأمر بمداواتهم، ثم كتب أمير المؤمنين مروان إلى نائب فلسطين وهو الرماحس بن عبد العزيز الكناني يأمره بطلب ثابت بن نعيم حيث كان، فما زال يتلطف به حتى أخذه أسيرا، فبعثه إلى مروان وأمر بقطع يديه ورجليه، وكذلك جماعة كانوا معه، وبعث بهم إلى دمشق فأقيموا على باب مسجدها، لأن أهل دمشق كانوا قد أرجفوا بأن ثابت بن نعيم ذهب إلى مصر فتغلب عليها وقتل نائب مروان فيها، فأرسل إليهم مقطع اليدين والرجلين ليعرفوا بطلان ما كانوا به أرجفوا، وأقام مروان بدير أيوب مدة حتى بايع لابنه عبد الله ثم عبيد الله بولاية العهد وزوجهما ابنتي هشام بن عبد الملك.
تعليقات
إرسال تعليق