الدكرورى يكتب عن الخمور والمسكرات بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

الدكرورى يكتب عن الخمور والمسكرات
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

لقد كرّم الله سبحانه وتعالى، الإنسان بالعقل، وجعله مناط التكليف، وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن والحديث الشريف، وبالعقل تميّز الإنسان وتكرّم، وترقّى في شأنه وتعلّم، وجعله الشارع الحكيم ضرورة كبرى، وشرع لصيانتِه الحق والحدّ، وبالعقل يميّز الإنسان بين الخير والشر والنفع والضر، وبه يتبين أوامر الشرع ويعرف الخطاب، ويردّ الجواب ويسعى في مصالحه الدينية والدنيوية، فإذا أزال الإنسان عقله لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضلّ منها، بل قد يُنتفع بالحيوان، أما الإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالة على غيره، يُخشى شره ولا يُرجى خيره، ولقد خلق الله الإنسان في هذا الكون ليعمره ويكون خليفة في الأرض، ووهبه الله نعما كثيرة لا تعد ولا تحصى.

وأمره أن يقوم عليها ويرعاها ويحفظها ولا يعتدي عليها بأي أنواع الاعتداء، ومن المعلوم أن عقل الإنسان ليس ملكا له على وجه الحقيقة، وإنما هو بمثابة الوديعة أو العارية عنده، لأنها ملك خالقها وهو الله عز وجل، وليس من حق الإنسان وهو بمثابة الوديع أو المستعير إتلاف ما استودعه الله إلا إذا أذن له الله تعالى بذلك كما في الجهاد، وإن العقل أحد الضرورات الخمس التي أوجب الشارع حفظها، حيث يقول الإمام الشاطبي في الموافقات: ومجموع الضرورات خمس هي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وهذه الضرورات إن فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج، وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعمة، والرجوع بالخسران المبين. 

فالعقل من أعظم الفروق بين الإنسان والحيوان، وهو مناط التكليف، فالإنسان لا يكلف حتى يبلغ الحلم، ويكون عقله ثابتاً، ولهذا فالمجنون لا ترتبط به التكاليف ولا تناط به، بل يرفع عنه القلم حتى يعود إليه عقله، وإن آفة المجتمعات اليوم هي المسكرات والمخدرات، وهى أم الخبائث وأم الكبائر وأصل الشرور والمصائب، وقد شتَّتت الأسر، وهتكت الأعراض، وسبّبت السرقات، وجرأت على القتل، وأودت بأصحابها إلى الانتحار، وأنتجت كل بليّةٍ ورذيلة، وقد أجمع على ذمّها العقلاء منذ عهد الجاهلية، وترفّع عنها النبلاء من قبلِ الإسلام، فلما جاء الإسلام ذمّها وحرّمها ولعنها، ولعن شاربَها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.

وإن من أعظم المخاطر التي يتسبب بها تعاطي الخمور والإدمان على شربها، هو تأثيرها على القوى العقلية لدى الإنسان فيُفقده إياها، حيث يُعد العقل من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، إذ إن إدمان شرب الخمر يؤثر على مركز الذكاء لدى الإنسان، ويعمل على انخفاض نسبته، كما يلعب دوراً في إتلاف مراكز الدماغ وضُمورها، وهذا ما يمكن إثباته بواسطة الأشعة المقطعية المحورية للدماغ، والتأثير الذي يسبّبه شرب الخمر على خلايا الدماغ، يتجسد ظاهرياً على جسم الإنسان بعدة أمراض خطيرة، منها العتهُ الدماغي، وفقدان الشخص الذاكرة، خاصة للأحداث التي عايشها حديثاً، وليسُد الإنسان هذه الفجوة، يلجأ لاختلاق الأحداث التي ليس لها أي اتصالٍ بالواقع. 

وكما أن الخمور تسبب اعتلالات أخرى في الدماغ، ويعمل ذلك تبعاً إلى إضعاف الذاكرة تدريجياً، وتعطيل وظائفها، وهذا لا يعني أن الأعصاب الطرفيّة يمكن أن تنجو من أي خطرٍ يهددها، إذ إن من يُدمن شرب الخمر، يفقد الإحساس بأطرافه، كما أن هناك العديد من المخاطر التي تؤثر على الجهاز العصبي بجميع أجزائه، والمشروبات الكحولية هي عبارة عن مشروبات تحتوي على نسبة محددة من الكحوليات والتي تتمثل في الخمرة بأنواعها مثل البيرة أو الويسكي، ومصدرها محدد قد يكون فواكه مثل التمر والزبيب والعنب أو مصدرها حبوب مثل الشعير أو الذرة أو النشا أو السكر أو الحنطة أو البطاطس، ولكن في كل الأحوال فإن المركب الأساسي الذي يدخُل في تركيب الخمر هو الكحول الإيثيلي أو الإيثانول. 

والإسم العلمي للخمر أو الكحوليات هو عبارة عن سائل طيار في وجود الحرارة، ولكنه يذوب بسرعة وذلك لأنه أقل كثافة من الماء، بالإضافة إلي أن طعمه لاذع، ويقبل الإشتعال، ولقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم الخمر، كما أن شرب الخمر يُعد كبيرة من الكبائر التي يجب على المسلمين البُعد عنها واجتنابها، ولقد جاءت السنة النبوية بتحريم الخمر والنهي عن شربه، حيث ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " من شرِب الخمر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب اللهُ عليه، فإن عاد لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة. 

لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتُب الله عليه، وغضب الله عليه، وسقاه من نهرِ الخَبال، قيل يا أبا عبد الرحمن، وما نهر الخَبال؟ قال: نهر يجري من صديد أهلِ النار) وقد أجمع العلماء المسلمون على تحريم الخمر، وجاء ردّهم على كل من أراد إثبات خلاف ذلك اتباعا للهوى، بوصفه بالكفر وإخراجه من الملة، وذلك لتكذيبه لما جاء به القرآن الكريم من نص قطعي يفيد تحريمه، ولقد منّ الله سبحانه وتعالى، على الإنسان بنعم كثيرة، وكان من أعظمها نعمة العقل، الذي ميّزه به عن سائر المخلوقات، ولما كان إدمان شرب الخمر يعّطل العقل، ويعمل على إتلافه، ويصدّ عن ذكر الله سبحانه وتعالى، والقرب منه، إضافة لما يفعله من نشر للبغضاء والشحناء، والكره بين أطياف المجتمع الإسلامي. 

وكذلك المجتمعات الأخرى، فكان لا بد للشارع الحكيم من تحريمه على عباده، وقد تدرّج الشارع الحكيم بتحريمه على مراحل، رحمة بعباده الذين اعتادوا شربه قُبيل الإسلام، فجاءت الحكمة من التحريم لِما لشرب الخمر من أخطار جسيمة على جسد الإنسان وعقله، والفساد والانحطاط الذي يتسبّب به للمجتمعات، وأن الشيطان وجد فيه السبيل للإضرار بالمسلمين، وأن يطيح بهم في الرذيلة، والفسوق، والضلال عن الحق، وأن يثنيهم عن الغاية التي خُلق من أجلها الإنسان، وإن شرب الخمور والمسكرات يعد سلاحاً مدمراً يفتك في صحة الإنسان، وينعكس سلباً عليه، ومن أهم الأخطار والأضرار التي تهدد حياة الإنسان هو مرض فقر الدم، الذي يتسبب به النقص الحاد لحامض الفوليك من جسم الإنسان. 

وكما يؤثر سلباً على نشاط نقي العظام، ولقد أثبتت الدراسات الحديثة أن إدمان تعاطي الخمور يؤثر على العظام، ليتسبب في هشاشتها، وذلك بسبب منعه إياها من امتصاص الجسم لمادة الكالسيوم التي يحتاجها، وكذلك منع الجسم من امتصاص أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها، وهذا يؤثر سلباً على وزن الجسم، إذ يأخذ بالنقصان المستمر، كما يقلل من مناعة الجسم، ليصبح عرضة لأي مرض وضرر، وكذلك تأثيره السلبي على الجهاز الهضمي، حيث يُحدث الكثير من المشاكل متمثلة بالتهاب في جدار المعدة، لينتج عنها تقرحات فيما بعد، فيصاب بنزيف دموي حاد، كما يعود بالضرر على جهاز البنكرياس، وتليف الكبد الذي يؤدي إلى الوفاة، وكذلك تأثيره السلبي على القوى العقلية والذهنية. 

والتي تقلل من التركيز، وتُضعف الذاكرة، وتؤدي إلى الاعتلالات الدماغية، التي تُفقد شارب الخمر العقل وتذهبه، ويجب علينا أن نعلم أن شرب الخمور والمخدرات، وتعاطي المسكرات وانتشار المنومات علامة ظاهرة من علامات قرب الساعة، والأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها، نعم لقد استحلها بعض المسلمين اليوم ولا يبالون بالتحريم والتحذير منها فعن أن بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” إن من أشراط الساعة : " أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا " متفق عليه، إذاً فلا يجوز بحالٍ تعاط المخدرات والمسكرات والخمور والحبوب والمخدرة والمنشطة بشتى أنواعها وأشكالها لأنها تُذهب العقل وتزيله. 


وهى تجعل المتعاط معرضاً للخطر في كل لحظة، بل قد تعرض الآمنين من المسلمين لخطر السكران والمخمور، وإن شكر النعمة استخدامها فيما خلقت له، وكفران النعمة استخدامها في الهلاك والدمار والاعتداء عليها، فالعقل نعمة فإذا استخدمته في طاعة وحافظت عليه فقد شكرت النعمة وأديت حقها، فبذلك تنال الرحمة والمغفرة، أما إذا استخدمته في معصية وأسرفت فيه، وتعديت عليه بالمسكرات، فقد ظلمت نفسك وكفرت بالنعمة ولم تؤد حقها فبذلك دخلت في دائرة الظلم والكفران، فالأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان، وقس على ذلك بقية النعم، فى النهايه إعلم أن  الخمر والمخدرات مفتاح كل شر، فكم أوقعت في قتل النفس المعصومة، وتسببت في الوقوع في الفاحشة والرذيلة، فيالها من عاقبة وخيمة، ونهاية مؤلمة لمن ألف الخمر وشربها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد