الدكرورى يكتب عن عُروة بن الزُبير ( الجزء الأول ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى
الدكرورى يكتب عن عُروة بن الزُبير ( الجزء الأول )
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
عُروة بن الزُبير بن العوام الأسدي، وهو تابعي ومحدث ومؤرخ مسلم، والتابعون في التاريخ الإسلامي هم شخصيات إسلامية لم تعاصر النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وعاشت في فترة لاحقة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في القرن الأول والقرن الثاني الهجري، أو عاشت في فترته ولم تره وإنما كان إيمانها ودخولها للإسلام بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وكان لها دور ملحوظ في فترة حياتها فتعلمت الحديث من الصحابة وعلمته إلى غيرها وكانوا من الذين يتبعون سنن النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة، ومعنى كلمة المؤرخ فهو العالِم الذي يدرس ويدون عن التاريخ، ويعتبر مرجعا في هذا العلم.
وقد يهتم المؤرخون بالسرد المنهجي المتتالي والبحث في الأحداث الماضية وعلاقتها بالجنس البشري، وتحول التأريخ إلى مهنة في نهاية القرن التاسع عشر وذلك بتحديد معايير معينة لمن يريد احتراف هذا المجال، والتاريخ ليس كتابة تاريخ فرد، أو حادثة تاريخية، أو تاريخ شعب وأمة، أو التاريخ الكلي أي التاريخ الإنساني الشامل، وإنما هو تحليل وفهم للأحداث التاريخية عن طريق منهج يصف ويسجل ما مضى من وقائع وأحداث ويحللها ويفسرها على أسس علمية صارمة بقصد الوصول إلى حقائق تساعد على فهم الماضي والحاضر والتنبؤ بالمستقبل، وكذلك يزيد من صعوبة مهمة المؤرخ أن يتناول الإنسان بدوافعه المختلفة وتركيبه المعقد، أما ما يتناوله المؤرخ من موضوعات أخرى.
كظروف البيئة الجغرافية فالغرض منها تفسير جهود الإنسان وتأثير هذه الظروف عليه أو تأثيره عليها، ولا ينصِّب المؤرخ نفسه قاضيا يعيد محاكمة الأشخاص الذين سبق أن صدرت عليهم أحكام معاصريهم، خاصة أن العدالة في الأحكام التاريخية لا تتحقق بسهولة، كما أن هذه الطريقة يمكن أن تقلب الدراسات التاريخية إلى أسلوب من أساليب الدعاية، وأما أن عروه هو أحد فقهاء المدينة السبعة، وقيل أن فقهاء المدينة هم سبعة أو عشرة من كبار التابعين الذي انتهى إليهم العلم والفتوى في المدينة المنورة، ويسمّون بالفقهاء السبعة، وهم الفقهاء الذين اتخذهم عمر بن عبد العزيز مستشارين له فيما يعرض عليه من أمور عندما كان والياً على المدينة، وقد ذكرهم ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين.
فقال: وكان المفتون بالمدينة من التابعين هم ابن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبان بن عثمان، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهؤلاء هم الفقهاء السبعة، وكان عروه بن الزبير هو أحد المكثرين في الرواية عن خالته السيده عائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنها، وهى زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان عروه بن الزبير، من الأوائل الذين سعوا إلى تدوين الحديث، وكما كان له مساهمات رائدة في تدوين مقتطفات من بدايات التاريخ الإسلامي، وكما اعتمد عليها من جاء بعده من المؤرخين المسلمين.
وكما عُرف عنه أنه من أروى الناس للشعر، وكان عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، أبو عبد الله، كان عالمًا كريمًا، وأبوه هو الزبير بن العوام، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أمه هى السيده أسماء بنت أبي بكر الصديق، المُلقبة بذات النطاقين، وخالته عائشة أم المؤمنين، وجدته لأبيه عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، صفية بنت عبد المطلب، وجده لأمه أبو بكر الصديق صاحب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخليفته، وأخوه عبد الله بن الزبير، وقد ولد في آخر خلافة عمر بن الخطاب، وقيل: في بداية خلافة عثمان، ويُعد من الطبقة الثانية من أهل المدينة من التابعين.
وقد عاش بالمدينة وانتقل إلى البصرة ثم إلى مصر وعاد إلى المدينة فتوفي فيها، وقد روى الحديث عن كثير من الصحابة وتفقه على يد السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، وكان ثقة كثير الحديث فقهيًا عاليًا مأمونًا ثبتًا، وحدث عنه ابنه هشام، وروى عنه الزهري وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان القرشي وغيرهما من علماء المدينة، ولقد كان الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، يعيش ومن بين يديه أصحابه الكرام، ولقد خلف من بعد الصحابة الكرام التابعون، وهم الذين اختارهم الله عز وجل، لإقامة دينه، وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه، فأتقنوه، وعلموه، وفقهوا فيه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله عز وجل، ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل، ونصبهم له.
وقد خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الناس ذات يوم فقال في خطبته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام في مثل مقامي هذا فقال: "ألا أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فدل ذلك الحديث على فضل الصحابة والتابعين وأتباعهم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: "يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام، من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صَحب رسول الله؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم" وهذا فيه فضلة لأصحابه الكرام رضي الله عنهم وتابعيهم، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على التابعين في كتابه الكريم بعد ثنائه على الصحابة الكرام.
فقال تعالى: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، رضى الله عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) من سورة التوبه، وقد اشتملت الآية الكريمة على أبلغ الثناء من الله رب العالمين على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، حيث أخبر الله تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه بما أكرمهم به من جنات النعيم، وأن الذين اتبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير وقد رتب الله سبحانه وتعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم، ثم أردفهم بذكر التابعين في قوله تعالى: ( والذين جاؤوا من بعدهم ) وعن عمران بن الحُصين رضي الله عنه قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" والمراد بقرن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، هو الصحابة، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، وأما الذين بعدهم فإن اعتبر منها كان نحواً من خمسين" فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان، فخير الناس قرناً بعد الصحابة من رآه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنهم الدين والسنن، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني، وصاحب من صاحبني"
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تمَس النار مسلماً رآني، أو رأى من رآني" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وَدِدت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بَعْدُ" وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " أنتم أصحابي" ليس نفياً لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء إخوة صحابة والذين لم يأتوا إخوة وليسوا بصحابة، وقد ولد عروة بن الزبير سنة ثلاثه وعشرين من الهجره، في أسرة من سادات المسلمين في عصر صدر الإسلام من بني عبد العزى بن قصي.
تعليقات
إرسال تعليق