الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء التاسع ) إعداد / محمـــد الدكــــرورى
الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء التاسع )
إعداد / محمـــد الدكــــرورى
نكمل الجزء التاسع مع الخليفه مروان بن محمد، وكان يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق لاخر خلفاء الأمويين مروان بن محمد، وقد بعث نباتة بن حنظلة إلى جرجان واليا عليها ولكي يقاتل انصار الدعوة العباسية في خراسان بدم مافشل والي خراسان نصر بن سيار الكناني بإخماد ثورتهم وعندما وصل نباتة بن حنظلة الكلابي إلى نصر بن سيار أتى فارس وأصفهان، ثم سار إلى الري، ومضى إلى جرجان، ولم ينضم نباتة إلى نصر بن سيار، فقالت القيسية لنصر، لاتحملنا قومس، فتحولوا إلى جرجان وخندق نباتة، فكان إذا وقع الخندق في دار قوم رشوه فأخره، فكان خندقه نحوا من فرسخ، وقلنا أن الفرسخ هو خمسه كيلو مترات، وحينما قدم قحطبة بن شبيب أحد دعاة العباسيين.
وقادتهم لقتالة نزل قحطبة بإزاء نباتة بن حنظلة وأهل الشام، فالتقوا في مستهل ذي الحجة عام مائه وثلاثين من الهجره، في يوم الجمعة وصبر بعضهم لبعض ووقع قتال شديد بينهم حتى قتل نباتة بن حنظلة وانهزم أهل الشام فقتل منهم عشرة آلاف وبعث قحطبة إلى أبي مسلم الخراساني برأس نباتة وابنه حية بن نباتة بن حنظلة، ثم وجَّه قحطبة بن شبيب أحد دعاة بنو العباس ولده الحسن بن قحطبة إلى قومس لقتال نصر بن سيار، وأمده بالأمداد، ثم ارتحل نصر إلى الري، فأقام بها يومين ثم مرض فسار منها إلى همدان، فلما وصل مدينة ساوة توفي فيها لمضي ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول في سنة مائه وواحد وثلاثين من الهجره، وكان عمره خمس وثمانين سنة.
ولما مات نصر تمكن أبو مسلم وأصحابه من بلاد خراسان كلها، وسار قحطبة من جرجان، وقدَّم أمامه، زياد بن زرارة القشيري، وكان قد ندم على اتباع أبي مسلم، فترك الجيش وأخذ جماعة معه وسلك طريق أصبهان ليذهب إلى القائد الأموي عامر بن ضبارة المري، وكان ابن ضبارة شجاعا فاتكا، فبعث قحطبة وراء زياد بن زارة جيشا فقتلوا عامة أصحابه، ثم فتح الحسن بن قحطبة قومس، ثم بعث قحطبة ابنه إلى الري، فافتتحها، فأقام بها قحطبة، ثم ارتحل أبو مسلم من مرو فنزل نيسابور، ونيسابور، هى مدينة في مقاطعة خراسان شمالي شرق إيران وهى قرب العاصمة الإقليمية مشهد، وقد كانت نيسابور عاصمة لمقاطعة خراسان قديماً، وتعد من أشهر مراكز الثقافة والتجارة والعمران في العصر العباسي.
وكان ذلك قبل أن يدمرها زلزال ضربها عام خمسمائه وأربعين من الهجره، ثم أكمل خرابها غزو المغول لها سنة ستمائه وثمانى عشر من الهجره، وكان بعد ذلك أن بعث قحطبة بعد دخوله الري ابنه الحسن أمامه إلى همدان، فلما اقترب منها خرج منها مالك بن أدهم وجماعة من أجناد الشام وخراسان، فنزلوا نهاوند، فافتتح الحسن همدان ثم سار وراءهم إلى نهاوند، وبعث إليه أبوه بالأمداد فحاصرهم حتى افتتحها، وبعد سقوط مدن خراسان بيد العباسيين، كتب يزيد ابن هبيرة والي العراق الاموي إلى عامر بن ضبارة المري أن يسير إلى قحطبة وأمده بالعساكر، فسار ابن ضبارة حتى التقى مع قحطبة في عشرين ألفا، فلما تواجه الفريقان رفع قحطبة وأصحابه المصاحف ونادى المنادي.
يا أهل الشام، إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف، فشتموا المنادي وشتموا قحطبة، فأمر قحطبة أصحابه أن يحملوا عليهم، فلم يكن بينهم كبير قتال حتى انهزم أصحاب ابن ضبارة، واتبعهم أصحاب قحطبة فقتلوا منهم خلقا، وقتلوا ابن ضبارة في العسكر لشجاعته حيث إنه لم يهرب، وسئل ابن ضبارة عن داوود بن يزيد بن هبيرة، فقالوا هرب، فقال لعن الله شرنا منقلبا، فقاتل حتى قتل، ثم حاصر قحطبة نهاوند حصارا شديدا حتى طلب أهل الشام الذين فيها أن يفتحوا له الابواب، ففتحوا له وأخذوا من قحطبة منهم أمانا، فقال لهم قحطبة من بها من أهل خراسان؟ وهو يقصد أهل خراسان الموالين لبنو امية، ثم غدر قحطبة بأهل خراسان الموالين لبنو أمية في نهاوند بعدما خرجوا ظانين أنهم في أمان.
فقال قحطبة للأمراء الذين معه، كل من حصل عنده أسير من الخراسانين فليضرب عنقه وليأتنا برأسه، ففعلوا ذلك ولم يبقى ممن كان هرب من أهل خراسان من أبي مسلم إلى جيش الأمويين أحد، وأطلق الشاميين وأوفى لهم عهدهم وأخذ عليهم الميثاق أن لا يمالئوا عليه عدوا، ثم بعث قحطبة أبا عون إلى شهر زور، في ثلاثين ألفا فافتتحها، وقتل نائبها الأموي عثمان بن سفيان، ثم جاز قحطبة بن شبيب الفرات ومعه الجنود، والفرات هو أحد الأنهار الكبيرة في جنوب غرب آسيا وهو أكبر نهر في الصفيحة العربية، وينبع النهر من جبال طوروس في تركيا ويتكون من نهرين في آسيا الصغرى هما مراد صو أي ماء المراد شرقاً، ومنبعه بين بحيرة وان وجبل أرارات في أرمينيا.
وقره صو أي الماء الأسود غرباً ومنبعهُ في شمال شرقي الأناضول، والنهران يجريان في اتجاه الغرب ثم يجتمعان فتجري مياههما جنوبا مخترقة سلسلة جبال طوروس الجنوبية، ثم يجري النهر إلى الجنوب الشرقي وتنضم إليه فروع عديدة قبل مروره في الأراضي السورية ليجري في الاراضي العراقية ويلتقي بنهر دجلة في منطقة كرمة علي ليكون شط العرب الذي يصب في الخليج العربي، ونكمل ومع يزيد ويزيد بن عمر بن هبيرة رجل بنو امية القوي مخيم على فم الفرات مما يلي الفلوجة، والفَلّوجَة هى مدينة في العراق تقع ضمن محافظة الأنبار، وتقع المدينة على بعد ستين كيلو مترا شمال غرب العاصمة بغداد، ويسكن فيها عشائر وأفراد من قبائل عربية تدين بالإسلام.
ومعنى الفلوجة في اللغة هي الأرض الصالحة للزراعة حيث تتفلج تربتها حين يمسها ماء السماء عن خيرات الأرض، وأما عن يزيد فقد أمده مروان بجنود كثيرة، وانضاف إليه كل من انهزم من جيش عامر بن ضبارة، ثم إن قحطبة أتجه إلى الكوفة ليأخذها، فاتبعه ابن هبيرة، ثم اقتتلوا قتالا شديدا وكثر القتل في الفريقين، ثم ولى أهل الشام منهزمين واتبعهم أهل خراسان، وفقد قحطبة من الناس فأخبرهم رجل أنه قتل وأوصى أن يكون أمير الناس من بعده ولده الحسن، ولم يكن الحسن حاضرا، فبايعوا أبنه حميد بن قحطبة، وحميد بن قحطبة بن شبيب الطائي، كان من القادة العسكريين العباسيين، وقد ولي إمارة الجزيرة ثم إمارة مصر سنة مائه وثلاثه وأربعين من الهجره.
ووجه لغزو أرمينية سنة مائه وثمانى وأربعين من الهجره، ولغزو كابل سنة مائه واثنين وخمسين من الهجره، ثم جعل أميراً على خراسان فأقام فيها إلى أن مات، وحميد كان ابناً لقحطبة بن شبيب الطائي، الذي قاد مع أبو مسلم الخراساني الثورة العباسية التي أطاحت بالخلافة الأموية، ومع أخيه الحسن، نشط حميد في الدعوة العباسية في خراسان في الأعوام السابقة للثورة، عاملاً كـنقيب، وكان بعد الثورة، لازم حميد والي الشام، عبد الله بن علي، بل وانضم إليه حين تمرد على الخليفة المنصور، إلا أنه سرعان ما ندم على قراره، وفر من معسكر عبد الله قبل هزيمته النهائية، وبالرغم من ذلك، فقد عهد إليه المنصور بمنصب الولاية، أولاً في الجزيرة حيث واجه تمرداً عاتياً من الخوارج.
وكان الذي قتل قحطبة في المعركة هو معن بن زائدة، ويحيى بن حضين، ومعن بن زائدة، كان من أمراء متولي العراقين يزيد بن عمر بن هبيرة، فلما تملك آل العباس جَدَّ المنصورُ في طلبه، وجعل لمن يحمله إليه مالاً، فاضطر لشدّة الطلب إلى أن تعرّض للشمس حتى لوحت وجهه، وخَفَّفت عارضه، ولبس جبـّة صوف، وركب جملاً، وخرج متوجهًا إلى البادية ليقيم بها، فاختفى معن مدة، والطلب عليه حثيث، فلما كان يوم خروج الراوندية والخراسانية على المنصور، وحمي القتال، وحار المنصور في أمره، ظهر معن، وقاتل الراوندية فكان النصر على يده، وهو مقنع في الحديد، فقال المنصور: ويحك، من تكون؟ فكشف لثامه، وقال: أنا طلبتك معن، فسر به، وقدمه وعظمه، ثم ولاه اليمن وغيرها.
تعليقات
إرسال تعليق