الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء العاشر ) إعداد / محمـــد الدكــــرورى

الدكرورى يكتب عن الخليفه مروان بن محمد ( الجزء العاشر )
إعداد / محمـــد الدكــــرورى

نكمل الجزء العاشر مع الخليفه مروان بن محمد، ووقفنا مع معن بن زائدة، وكان لمعن بن زائدة، أخبار في السخاء، وفي البأس والشجاعة، وله نظم جيد، وكان معن هذا خاله هو الزنديق الدجال ابن ابي العوجاء الذي قتله الخليفة المهدي لزندقته وتحريفه للدين، حيث هو يقول بدسه الاحاديث المفتراة وتحليله الحرام وتحريمه الحلال ويقول صومتكم وفطرتكم كيف اشاء، وعندما جاء الحسن بن قحطبة سار نحو الكوفة، وقد خرج بها محمد بن خالد بن عبد الله القسري، ودعا إلى بني العباس وسوَّد، وأخرج عاملها الأموي زياد بن صالح الحارثي، وتحول محمد بن خالد إلى قصر الإمارة ثم سار لقتال القائد الأموي حوثرة بن سهيل الباهلي، فلما اقترب حوثرة من الكوفة ذهب أصحاب حوثرة. 

إلى محمد بن خالد يبايعون لبني العباس، فلما رأى حوثرة ذلك ارتحل إلى واسط عند يزيد بن هبيرة، وخالد بن عبد الله القسري البجلي، كان قائد أموي سكن دمشق ايام الأمويين من بطن شق الكاهن من بنو قسر وهم بنو مالك، وهم من قبيلة بجيلة، ويكنى أبا القاسم وقيل أبا الهيثم، وقد تباينت أقوال المراجع بشأن سيرته، فمنهم من ذمه وشتمه، ومنهم من مدحه وبجله، والأكثرون على ذمه لبغي فيه، حتى أنه هلك بسبب ذلك، إذ قتله الخليفة الأموي، وخالد هو من قتل الجعد بن درهم عندما كان واليا على العراق حيث قال قبل قتلة: ياأيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فاني مضح بالجعد بن درهم لإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علواً كبيرا.

وأما عن حوثرة بن سهيل بن العجلان الباهلي أبو المثنى القنسريني، فهو من أهل قنسرين، وهو أخو عجلان بن سهيل الباهلي، وكان أمير مصر لمروان بن محمد، وكان معه يوم غلب على دمشق وكان سيء السيرة، وقد بلغت مروان كل هذه الاحداث عن أبو مسلم الخراساني في خراسان والعراق، ومقتل جل قادتة الكبار أمثال عامر بن ضبارة وسلم بن أحوز ونباتة بن حنظلة الكلابي وغيرهم، وأما عن سلم بن أحوز، فهو سلم بن أحوز بن أربد بن محرز بن لأي بن سمير بن ضباري بن حجية بن كابية من بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وقد كان أمير الشرطة في خراسان للوالي نصر بن سيار الكناني في خلافة مروان بن محمد، وقد قام بأسر الجهم بن صفوان، وأمر بقتله فقتل. 

وقد توفي سلم سنة مائه وثلاثين من الهجره، وعندما آسره أبو مسلم الخراساني فقتله، وكان ذلك لأن سلم كان من أنصار بني أمية وهو أحد ولاتهم هو وأخوه هلال بن أحوز، وكانت الكارثة الأخرى التي حلت بمروان هي محاصرة العباسيين لواليه على العراق يزيد بن هبيرة وجيوشة في واسط، فأتجه مروان من عاصمته حران إلى نهر الزاب القريب من الموصل من أرض الجزيرة الفراتية، ثم بلغه أن أبو العباس عبد الله السفاح بويع خليفة بالكوفة والتفت عليه الجنود، والكوفة هى مدينة عراقية ومركز قضاء تتبع إداريا إلى محافظة النجف في منطقة الفرات الأوسط جنوب العاصمة بغداد، وكانت المدينة هى عاصمة للخلافة الإسلامية في زمن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب. 

وهى المركز الرئيسي لوجود الكثير من العلماء المسلمين وقد اتخذها الخليفة علي بن أبي طالب عاصمة لحكومته بعد الانتقال من المدينة إليها، وكان الخليفه مروان بن محمد شق ذلك عليه جداً، فجمع مراون جنوده، ثم سار إليه أبو عون بن يزيد في جيش كثيف وهو أحد أمراء السفاح، فنازله على الزاب، وكان أبو عون عبد الملك بن يزيد الخراساني، هو أحد القادة العباسيين الأوائل من جرجان، وقد شارك في الدعوة العباسية المُبكرة، والمعارك ضد الأمويين، وشغل منصب أمير مصر وخراسان، وكان بعد أن سار مروان بجنوه إلى عون بن يزيد، قال السفاح من يتولى قتال مروان من أهل بيته، فأنتدب له عمه عبد الله بن علي، وعبد الله بن علي بن عبد الله، وهو أمير عباسي. 

وهو عم الخليفتين أبو العباس عبد الله السفاح وأبو جعفر المنصور، وقد فتك بالأمويين في معركة الزاب، وقد طالب بالخلافة أيام المنصور فهزمه أبو مسلم الخراساني، وقد مات سجيناً، وعبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس عم السفاح والمنصور من الرجال الدهاة وكان بطلا شجاعا مهيبا جبارا عسوفا سفاكا للدماء به قامت الدولة العباسية وقد سار في أربعين ألفا أو أكثر فالتقى في معركة مع الخليفة الاموي مروان بن محمد بقرب الموصل فهزمه ومزق جيوشه ولج في طلبه وطوى البلاد حتى نازل دار الخلافة الاموية في دمشق فحاصرها أياما وأخذها بالسيف وقتل خلقا كثيرا من اهل دمشق، ثم جهز في الحال أخاه صالح بن علي في طلب مروان إلى أن أدركه بقرية بوصير في مصر 

فبيت مروان فقاتل حتى قتل وهرب ابنا مروان عبد الله وعبد الملك إلى الحبشة وانتهت الدولة الأموية ولما مات أبو العباس السفاح زعم عبد الله أنه ولي عهده وبايعه أمراء الشام وبويع ابو جعفر المنصور بالعراق وندب لحرب عمه صاحب الدعوة أبا مسلم الخراساني فالتقى الجمعات بنصيبين فاشتد القتال وقتلت الأبطال وعظم الخطب ثم انهزم عبد الله في خواصه وقصد البصرة فأخفاه أخوه سليمان مدة ثم ما زال المنصور يلح في طلبه حتى أسلمه فسجنه سنوات فيقال حفر أساس الحبس وأرسل عليه الماء فوقع على عبد الله في سنة مائه وسبعه وأربغين من الهجره، فسار عبد الله بن علي في جنود كثيرة، فتنازل له أبو عون عن القيادة، وجعل عبد الله على شرطته حياش بن حبيب الطائي، ونصير بن المحتفز. 

ووجه أبو العباس، موسى بن كعب في ثلاثين رجلاً على البريد إلى عبد الله بن علي يحثه على مناجزة مروان، والمبادرة لقتاله قبل أن تبرد نيران الحرب، فتقدم عبد الله بن علي بجنوده حتى واجه جيش مروان، ونهض مروان في جنوده وتصافَّ الفريقان في أول النهار، وكان مع مروان جيش ضخم، فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، إن زالت الشمس يومئذ ولم يقاتلونا كنا نحن الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أرسل مروان إلى عبد الله بن علي يسأله الموادعة، فقال عبد الله، كذب ابن زريق، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل، إن شاء الله، وكان ذلك يوم السبت لإحدى عشر ليلة خلت من جمادى الآخرة عام مائه واثنين وثلاثين من الهجره.

فقال مروان: قفوا لا تبتدئون بقتال، وجعل ينظر إلى الشمس، ولكن خالفه ابن عمه الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم وهاجم جيش العباسيين، والوليد هو ختن مروان على ابنته، فغضب مروان فشتمه، فقاتل الوليد بن معاوية أهل الميمنة فأنحاز أبو عون إلى عبد الله بن علي، فقاتل موسى بن كعب لعبد الله بن علي، فأمر الناس فنزلوا ونودي: الأرض الأرض،
فنزلوا وأشرعوا الرماح وجثوا على الركب وقاتلوهم، وجعل أهل الشام يتأخرون كأنما يدفعون، وجعل عبد الله يمشي قدماً، وجعل يقول، يا رب حتى متى نقتل فيك ؟ ونادى يا أهل خراسان، يا لثارات إبراهيم الإمام، يا محمد يا منصور، واشتد القتال جداً بين الناس، فلا تسمع إلا وقعاً كالمرازب على النحاس. 


فأرسل مروان إلى قبيلة قضاعة يأمرهم بالنزول فقالوا: قل لبني سليم فلينزلوا، وأرسل إلى قبيلة السكاسك من كندة أن احملوا فقالوا: قل لبني عامر أن يحملوا، فأرسل إلى قبيلة السكون من كندة أن احملوا فقالوا: قل إلى غطفان فليحملوا، فقال لصاحب شرطته: انزل، إلا أن صاحب الشرطة رفض، ثم انهزم أهل الشام واتبعتهم أهل خراسان يقتلون ويأسرون، وكان من غرق من أهل الشام أكثر ممن قتل وكان في جملة من غرق إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك المخلوع، وقد أمر عبد الله بن علي بعقد الجسر، واستخراج من غرق في الماء، وجعل يتلو قوله تعالى: ( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) وأقام عبد الله بن علي في موضع المعركة سبعة أيام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد