جعفر العمدة في الصدارة ولكن ...! بقلم : عمر أحمد عبد العزيز
جعفر العمدة في الصدارة ولكن ...!
بقلم : عمر أحمد عبد العزيز
حقق مسلسل "جعفر العمدة"، الذي يُعرض حاليا للفنان "محمد رمضان،" والفنانة "هالة صدقي"، و"زينة"، و"مي كساب"، و"إيمان العاصي، و"منة فضالي" وكوكبة أخرى من الفنانين نجاحا ساحقا؛ حيث استطاع سلب الأنظار والأذهان منذ أول أيام عرضه ليكون الأكثر مشاهدة وجدلا في موسم رمضان ٢٠٢٣؛ حيث نستطيع أن نقول أنه من أبرز المسلسلات التي قدمت لنا وجبة درامية دسمة ومشوقة خلال السنوات الأخيرة بداية من القصة،والسيناريو، ومرورا بالإداء التمثيلي، والإخراج والتصوير حتى غناء التتر والمُونتاج، ولكن مع كل ذلك يظل نجاح العمل للأسف غير مُكتمل الأركان.
إن مشاهد الضرب والإهانة التي تتكرر يوميا في مسلسل "جعفر العمدة" تُعتبر من أبرز ثغرات العمل سواء على المستوى الفني أو الأخلاقي، فبالنسبة للأول، فلا يصح تقديم مشاهد العنف والبلطجة مرارا وتكرارا بشكل مُبالغ فيه حتى لا يبتعد العمل عن الواقعية والمنطق، فعلى سبيل المثال نجد طريقة و سيناريو مشهد ضرب "جعفر العمدة" لشقيق "إسماعيل" صديق "بلال شامة"، أو ضربه لدودي الخطيب السابق لزوجته الرابعة أو ضربه المُفاجىء لسيف في منزل "عزيزة الطري" غير واقعي بالمرة، وكأن صُناع العمل يُقدمون شو أو يستهينون بعقلية المُشاهد ومدى تقديره للأمور، وأما على المستوى الثاني، فالمسلسل يُقدم شبه كورسات و دورات تعليمية في العنف والبلطجة والإساءة للاخرين وخاصة للأطفال والمراهقين الذين هم أكثر تقليدا وأقل نضجا من غيرهم، وكأن السيدة زينب التي تدور فيها أحداث المسلسل وبقية المناطق الشعبية الأخرى معقل للعنف ولقانون الغابة التي يفترس فيها الأقوى الأضعف منه ثم يبقى وحده مسيطرا ومتحكما في زمام الأمور.
وليس معنى نجاح العمل في تصدر التريند والإستحواذ على أكبر عدد من المشاهدات أنه قد حقق نجاحا حقيقيا بالشكل الواسع، فالنجاح الحقيقي هو حالة كلية شاملة لا تقبل التجزئة؛ حيث لا يكتفي فقط بتصدر التريند أو ثراء المشاهدات والمتابعات، بل يعتمد أولا على ما يُقدمه العمل من رسائل إيجابية، ودروس وعظة للمشاهد، وليس ما يقدمه من رسائل سلبية وسموم تسبح في بحر العسل، وإلا لكان تاجر المُخدرات أو النصاب أنجح البشر.
يقول الله تعالى في كتابه المُبين في سورة المائدة : {قُل لاَّ يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.صدق الله العظيم.
ومشاهد العنف اليومية بمسلسل "جعفر العمدة" ما هي إلا حشو عبثي سام لا فائدة له، فالعمل جذاب لا يحتاج قط لمثل هذه المشاهد العنيفة الغير منطقية، فبالطبع مشاهد الأكشن لا غنى عنها في الكثير من الأعمال وخاصة الأعمال التراجيدية التي تكسوها المأساة، ولكن يجب أن تكون في موضعها الصحيح وبشكلها المُناسب المُلائم للمُجتمع بكافة أعماره وثقافاته ، فالدراما بخلاف السينما تقتحم المنازل والمجالس الأسرية ويشاهدها كافة الفئات؛ مما يستوجب على القائمين عليها تقديم وجبات درامية، ليست فقط مُشبعة و مُمتعة، بل وأخلاقية تحترم عقلية المُشاهد وتساعده على تنمية وعيه ومداركه.
تعليقات
إرسال تعليق