كنز عظيم من كنوز الخير بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : السبت الموافق 4 يناير 2025

كنز عظيم من كنوز الخير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 4 يناير 2025
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد إن الصبر على المصيبة كنز عظيم من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم فالصبر سمة الأنبياء والصالحين، والعلم بأن المصاب ليس أول من أصيب بهذه المصيبة وهذا مما يهون وقع المصيبة عليه ولذلك أهل النار أغلق الله عز وجل عليهم الباب وقال سبحانه " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " وذلك زيادة في عذابهم، فمن فقد ولده فليحمد الله أن أبقى له أولاده الآخرون، ومن أصيب بمرض فليتذكر من هو أشد منه مرضا، وقال شريح رحمه الله "إني لأصاب بالمصيبة، فأحمد الله عز وجل عليها أربع مرات أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي، وأحمده إذ رزقني الصبر عليها،

وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب، إذ لم يجعلها في ديني" ومما يهون المصيبة أن الله سبحانه قد أراد بعبده المبتلى خيرا، فروي أن أحد الصالحين حينما أخبروه بموت ولده نزل من على دابته وخر ساجدا لله، فلما سألوه قال لهم ألم يقل الله تعالى " استعينوا بالصبر والصلاة " وكما إن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشمل النصر في الجهادين جهاد العدو الظاهر، وجهاد العدو الباطن، فمن صبر فيها نصر، وظفر بعدوه، ومن لم يصبر فيها وجزع وقهر صار أسيرا لعدوه، أو قتيلا له، ومن لطائف أسرار إقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر أن الكرب إذا إشتد وعظم وتناهى حصل للعبد الإياس من كشفه، من جهة المخلوقين، وتعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله.

ومن أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج، فإن الله يكفي من توكل عليه كما قال تعالي " ومن يتوكل علي الله فهو حسبة " وعن مالك عن زيد بن أسلم قال كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر بن الخطاب " أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجا وانه لن يغلب عسر يسرين" وكان الفضل بن سهل قد مرض بخراسان، وأشفى على التلف، فلما أصاب العافية جلس للناس، فدخلوا عليه وهنوه بالسلامة، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا من كلامهم أقبل على الناس، وقال إن في العلل لنعما لا ينبغي للعقلاء أن يجهلوها وهو تمحيص الذنوب والتعرض لثواب الصبر والإيقاظ من الغفلة، والأذكار بالنعمة في حال الصحة وإستدعاء التوبة والحض على الصدقة"

وإن للصبر ثمرات عظيمة منها أن الصابرين هم أهل الفوز والنجاة والصابرين دائما في معية الله تعالي وفي محبته، ويوفون أجرهم بغير حساب، وقال سليمان بن القاسم كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر " إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب " فقال كالماء المنهمر، وقال الأوزاعي ليس يوزن لهم ولا يكال لهم، وإنما يغرف لهم غرفا، وقال بعض السلف إذا أعجبتك نفسك في قيام الليل فتذكر من هم أرفع منزلة منك، نائمون على فرشهم، هم أهل البلاء الصابرون، ألا فاتقوا الله ثم اتقوا الله، فتقواه سبحانه عروة ليس لها إنفصام، من تعلق بها، كان له بإذن الله حسن العاقبة والحفظ من شرور كل نائبة، أسعدنا الله وإياكم بلزوم ما أمر به، وجنبنا وإياكم أسباب سخطه وغضبه، هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله فقد أمركم بذلكم ربكم في محكم تنزيله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد