الحاجه إلى الحلم وملاقاة الإساءة بالإحسان بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحاجة إلى الحلم وملاقاة الإساءة بالإحسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 15 أغسطس 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن من الدروس والحكم المستفاده من الهجرة النبوية الشريفة هو أن النصر مع الصبر، فقد كان هينا على الله عز وجل أن يصرف الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة، ولكنها سنة الإبتلاء يؤخذ بها النبي الأكرم ليستبين صبره، ويعظم عند الله أجره، وليعلم دعاة الإصلاح كيف يقتحمون الشدائد، ويصبرون على ما يلاقون من الأذى صغيرا كان أم كبيرا، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو الحاجة إلى الحلم، وملاقاة الإساءة بالإحسان فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقى في مكة قبل الهجرة من الطغاة والطغام أذى كثيرا.

فيضرب عنها صفحا أو عفوا ولما عاد إلى مكة فاتحا ظافرا عفا وصفح عمن أذاه، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو إستبانة أثر الإيمان، حيث رفع المسلمون رؤوسهم به، وصبروا على ما واجهوه من الشدائد، فصارت مظاهر أولئك الطغاة حقيرة في نفوسهم، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو إنتشار الإسلام وقوته، وهذه من فوائد الهجرة، فلقد كان الإسلام بمكة مغمورا بشخب الباطل، وكان أهل الحق في بلاء شديد فجاءت الهجرة ورفعت صوت الحق على صخب الباطل، وخلصت أهل الحق من ذلك الجائر، وأورثتهم حياة عزيزة ومقاما كريما، وأن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، فلما ترك المهاجرون ديارهم، وأهليهم، وأموالهم التي هي أحب شيء إليهم.

لما تركوا ذلك كله لله، أعاضهم الله تعلي بأن فتح عليهم الدنيا، وملكهم شرقها وغربها، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو قيام الحكومة الإسلامية والمجتمع المسلم، وإجتماع كلمة العرب وارتفاع شأنهم، والتنبيه على فضل المهاجرين والأنصار، وظهور مزية المدينة، فالمدينة لم تكن معروفة قبل الإسلام بشيء من الفضل على غيرها من البلاد، وإنما أحرزت فضلها بهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام أصحابه إليها، وبهجرة الوحي إلى ربوعها حتى أكمل الله الدين، وأتم النعمة، وبهذا ظهرت مزايا المدينة، وأفردت المصنفات لذكر فضائلها ومزاياها، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو سلامة التربية النبوية، فقد دلت الهجرة على ذلك فقد صار الصحابة مؤهلين للاستخلاف.

وتحكيم شرع الله، والقيام بأمره، والجهاد في سبيله، وكذلك التنبيه على عظم دور المسجد في الأمة، ويتجلى ذلك في أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم فور وصوله المدينة، حيث بنى المسجد لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حوربت، ولتقام فيه الصلوات التي تربط المسلم برب العالمين، وليكون منطلقا لجيوش العلم، والدعوة والجهاد، وكما أن من الدروس والحكم المستفاده هو التنبيه على عظم دور المرأة، ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به السيدة عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سر الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزا كاملا إلى غير ذلك مما قامتا به.

وكذلك عظم دور الشباب في نصرة الحق، ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين نام في فراش النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، ويتجلى من خلال ما قام به عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنهم حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق رضي الله عنه، وأيضا حصول الأخوة وذوبان العصبيات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد