السويداء والانفصال بقلم الشاعر هادى صابر عبيد
السويداء والانفصال
.
يأتي الفرج على قدر الصبر
وبغير الصبر تضيق الصدور
.
الطير الذي يكسر جناحه معثور
فريسة العابرين تتخلى الطيور
.
إن الذي هدرَ دمي غرور
لم يدري دمي بشرايينه يدور
.
اشتاقت الروحُ لأهلها تزور
حملتني الهِمةُ إليهُم العبور
.
اتجهتُ للغرب درعا الحضور
استقبلني أهلِها بِكُلِ سرور
.
أهلُ الكرمِ والجود والخير
أرض الخضرة سهل النمور
.
أكملتُ إلى القُنيطرة المسير
أهلها المُرابطين على الثغور
.
سُعدتُ بلقائِهم وجمعهُم الغفير
أحزنَني الجولان جناحها المبتور
.
وإلى دمشق إناء در من نور
تحيطها جبال تحملها الصخور
.
الثريا على الأرض الياسمين بخور
يعتلي عرشِها أسدٌ جسور
.
عرين الأسود فوقها النسور
ولطالب المجد منها العبور
.
وإلى اللاذقية حجزت السفر
عبر المطار كما الطيور
.
أولَ وصولي بنيل الأجر
زُرتُ ضريح الخالد المغفور
.
شعرتُ بالعزة والكبرياء والفخر
اشتممتُ رائحة الرجل الطهور
.
تجولتُ في الساحلِ سِحر النظر
أجمل الجبالِ وأجمل البحور
.
وأهلها الطيبون بلقائهم مسرور
ذاك يدعو للعشاء وذاك للفطور
.
وإلى الشهباء الطرب الأثير
وعلى الأنغام الكُلِ حضور
.
على استقبالي أهلها غفير
ما تشتهي من الطعام مندور
.
مررت بالجزيرة إلى دير الزور
أهل الكرم والجود المبرور
.
ذاك يجني القمح وذاكَ الشعير
وذاك يرعى وذاك يرمي البذور
.
أقيمة الولائم على شرفي الحضور
لحومٌ بالأرز وخُبزهُم التنور
.
وإلى حمص مرورآ بتدمر
الآثار والحضارات والتمور
.
أعتذر من باقي الأهل للقصور
عُدتُ إلى السويداء مسرور
.
أرضُ الأصالة منبع الجذور
أرض الأسود صخرة الصخور
.
لا يحيا الجسدٌ بوصلٍ مبتور
قطع الشرايين بفتح القبور
.
السويداء دونكِ وحلب التُجار
والجزيرة مصدر العيش بذور
.
الشام الهيامُ للمجد العبور
والساحلِ قوافلُ البحور
.
درعا الخضار أرض الخير
تسعد الأرض بسواعد النمور
.
من طالبوا بالانفصال صغار
دون الرجوع للكبار مشور
.
وكما بدأت الذي هدر دمي غرور
لم يدري دمي بشرايينه يدور
.
هادي صابر عبيد
سوريا / السويداء
تعليقات
إرسال تعليق