علاقة الأب بإبنته بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن علاقة الأب بإبنته
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 22 يناير 2024
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن الصداق في الزواج حق من حقوق الزوجة يدفعه لها الزوج حيث قال الله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه عدم التغالي في الصداق، بل إن خير الصداق أيسره فقال الإمام ابن القيم "إن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره " فقد زوّج النبي صلى الله عليه وسلم بناته على اليسير من الصداق فبعد أن تمت الموافقة على زواج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من السيدة فاطمة حُب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصغر بناته جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله النبي "ما تصدقها؟" فقال علي "ما عندي ما أصدقها"
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "فأين درعك الحطمية التي كنت قد منحتك؟" قال علي "عندي" وقال النبي صلى الله عليه وسلم "أصدقها إياها" فأصدقها و تزوجها وكان ثمنها أربعمائة درهما، فهذا هو صداق بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وحبه وأصغر بناته سيدة نساء أهل الجنة، وأما عن ما يفعله بعض الناس في زماننا من التغالي في المهور فهو أبعد ما يكون عن هدي رسول الله صلى الله عليه وهو أمر خطير له أضراره على الفرد وعلى المجتمع والدين الإسلامي دين اليسر والسهولة، وفي أمر الزواج لا يقتصر اليسر على الصداق بل يمتد إلى الوليمة التي يشهر بها الزواج وهي أمر دعى إليه الإسلام وحث عليه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يولم في زواجه باليسير من النفقة.
فعن صفية بنت شيبة قالت "أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير" وكذلك في زواج أصحابه رضي الله عنهم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال "ما هذا؟" قال "إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب" قال "بارك الله لك، أولم ولو بشاة" رواه البخاري، وفي زواج بناته رضي الله عنهن كذلك مظهر من مظاهر اليسر في الوليمة ففي ليلة زواج فاطمة رضي الله عنها قال الرسول صلى الله عليه وسلم "يا علي لا بد للعروس من وليمة" فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه "عندي كبش" وجمع رهط من الأنصار أصواعا من ذرة وأولم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويختلف الناس في النظر إلى علاقة البنت بوالديها بعد الزواج.
فمنهم من يرى أنه يجب على الأبوين أن يتركوا البنت وشأنها بعد الزواج لدرجة أن علاقتهم بها شبه مقطوعة فلا تزاور من طرف الأهل، بزعمهم أن هذا أدعى لسعادتها الزوجية واستمرار العلاقة بينها وبين زوجها وأهله، وفي المقابل نجد أن هناك من الأسر من يتدخل في حياة ابنتهم بشكل مباشر فيتطلعون إلى معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياة ابنتهم، ولهذا التدخل سلبياته التي تؤدي إلى إفساد الحياة الزوجية، لدرجة قد تصل إلى الطلاق، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور بناته بعد الزواج ويدخل عليهن الفرح والسرور، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة رضي الله عنها بعد زواجها ودعا لها ولزوجها بأن يعيذهما الله وذريتهما من الشيطان الرجيم، ولم يكن يشغله صلى الله عليه وسلم عن بناته رضي الله عنهن شاغل.
بل كان يفكر فيهن وهو في أصعب الظروف وأحلكها فعندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج لبدر لملاقاة قريش وصناديدها كانت رقية رضي الله عنها مريضة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى في المدينة ليمرضها وضرب له بسهمه في مغانم بدر وأجره عند الله يوم القيامة، ويجب على الأب أن يحافظ على بيت ابنته وسعادتها مع زوجها وأن يتدخل إذا لزم الأمر ويحرص على الإصلاح بينها وبين زوجها بشكل يضمن إعادة الصفاء إلى جو الأسرة.
تعليقات
إرسال تعليق