النور وحقيقة الإيمان في القلب بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن النور وحقيقة الإيمان في القلب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 23 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد لقد جاء في كتاب "الظلال" أنه ليس أدق ولا أصدق ولا أدل على طبيعة هذا الكتاب وهو القرآن الكريم وعلى طبيعة هذا المنهج وهو الإسلام من أنه " نور" إنها حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي كيانه وفي حياته، وفي رؤيته وتقديره للأشياء والأحداث والأشخاص، يجدها بمجرد أن يجد حقيقة الإيمان في قلبه "نور" نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترف، ويشرق به كل شيء أمامه، فيتضح ويتكشف ويستقيم ثقلة الطين في كيانه، وظلمة التراب، وكثافة اللحم والدم، وعرامة الشهوة والنزوة، كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى، فتخف الثقلة، وتشرق الظلمة.

وترق الكثافة، وترف العرامة، واللبس والغبش في الرؤية، والتأرجح والتردد في الخطوة، والحيرة والشرود في الاتجاه والطريق البهيم الذي لا معالم فيه، كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى، يتضح الهدف، ويستقيم الطريق إليه، وتستقيم النفس على الطريق فيقول تعالي "نور وكتاب مبين" وصفان للشيء الواحد، لهذا الذي جاء به الرسول الكريم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابة أجمعين، لأن للغرب يدا فيما نتخبط فيه اليوم من تيه وصراع، وهذه اليد لم تتغلغل إلى أوطاننا إلا وهي تدرك وتعي علتنا، ومشكلتنا الرئيسة وهي عدم ارتقائنا بالإسلام، فماذا يعني ارتقاء كل مسلم بهذا الدين؟ طالما بقيت الرسالة المحمدية خالدة بتاريخها الحافل ببطولات الحبيب المصطفى، ووفاء أصحابه رضوان الله عليهم.

حتى يتمكن هذا الدين في القلوب، ويستقر في العقول بذاك الفهم الصحيح والحقيقي لشمائله، على عكس الأوربيين الذين حرموا أنفسهم حلاوة هذا الدين، فلم يكن لهم لا رادع ولا وازع ديني يحرص ويوجه سلوكهم، ولم يجدوا لأنفسهم مرشدا من هذا الدين الحنيف فظنوا أن الحياة ما هي إلا ركض وراء المتعة والملذات والراحة والانتفاع المادي من الموجودات المحيطة بهم، وهم يشبهون في ذلك الوصف بتلك المملكة التي لا يقودها سيد، وليس لديها إرث يمكنها من الحفاظ على مجدها، ومآثر الموجودات لشعوبها، ولجؤوا كبديل لتقدمهم إلى القوة والعلم للحصول على الرغبات، والسيطرة على الشعوب المحبة للإسلام، بأساليب شتى، سواء كانت غزوا ثقافيا، أم احتكارا اقتصاديا، أم ميوعة في اختراع الآلات والمصانع وناطحات السحاب.

وهذه هي وسيلتهم في التقدم والتباهي أمام الأمم الأخرى، وبقوا على هذه الحال بل تجرؤوا على الإساءة للإسلام لأن هذا الدين يثير مركبَ النقص والشعور بالدونية وعدم معرفة الله خالقِ الكون حق المعرفة، وبذلك ظلت القوة والعلم يتطوران على حساب الدين والأخلاق، ومن هنا نشأت فجوة بين الشعوب الأوربية والإسلامية، وهذه الأخيرة التي انسلخت بالتدريج من هويتها، وراحت تقلد التقليد الأعمى ما تظن فيه خيرا، ولم تمثل الإسلام أحسن تمثيل، بل لم تعشه لتتغذى من قيمه، وعظمة مبادئه فتخلف المسلمون بفارقين اثنين، الفارق الأول هو فارق الدين الصحيح، والفارق الثاني هو العلم والمعرفة إذ أخذوا من الدين الإسلامي ما يبدو منحصرا فقط في إتيان مناسك كالصلاة، والصوم، والحج، وحرموا أنفسهم روحانياته التي تجدد في المسلم إيمانه، وترسخ فيه عقيدة ليست تتغير بتغير الأزمان، وإنما تنمو وتخلد ما بقي المسلم حيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد