منزلٌ صنعتهُ بالأوهام بقلم الشاعر هادى صابر عبيد

في دُنياي منزلٌ صنعتهُ بالأوهام
لم يسكُنهُ جسدي ولا ضيفٍ بهِ يُقام
.
كُنا صِغارا نعيشُ في بيت طينٍ
بجوارنا البهائِم الخيل والأغنام
.
تركنا بيوت الطين سُكنا للرياح
ذِكرى مُعلقة شاهِدةً أسقُفها رُكام
.
ظننا البلادُ تقدمت والبيوتُ عِماراتٌ
طوابِقٌ شُقق فارِهةِ في زمن الأحلام
.
لم نستطع شراء شُقةً جاهدين
قضينا  عُمرنا   بالأحلامِ  نيام 
.
ما علمنا بأن بيوت العمارات للأغنياء
وحُرمت على من لا يبيعوا الذِمام 
.
لو أحصيت عمل الحياة وجمعت مالها  
لم تجمع ثمن منزلٍ ولو حُييت دون طعام 
.
بِتنا كالأنقاضِ على الأرضِ تُحركُنا 
رياح  الأغنياء  كإننا بقايا حُطام 
.
نرى البساتين الخضراء وكأنها صحراء 
وشلالاتِها رمالٍ تُحركُها رياح الظُلام 
.
النِعمُ  تعلوا من حولنا لحومٌ وفاكِهةَ 
ما طاب ولذَ ونبيتُ  جوعا  أيام 
.
نسمعُ هسيس الأرض تقولُ هذهِ نِعمي 
لكُم وأنتُم والنِعم ولدتُم مني الأرحام 
.
ولدتُم والنِعمَ من باطني أحياء تنعمون 
وما فرقتُ بينكُم كونوا لبعظكُم أرحام 
.
كُلُنا يحلم بدنياهُ حتى الجبالُ تحلمُ بِحارا 
هواءٌ وسهول وكُلُ من يسيرُ على أقدام 
.
أُمم مُتحدة ومُنظمات حقوق الإنسان 
يعتاشون على حِساب الفُقراء بلفظ الكلام 
.
كُلُ خلقُ الله على الأرضِ ترحمُ بعضها 
إلا البشر طبعُها  لا تعرفُ الإسترحام 
.
حديثهُم الرحمة والكرامةِ والسلام  
وجميعهُم ثعالِبٌ على منابر الإعلام 
.
كُلُ ما تراهُ عيونهُم يظنونَ ملكٌ لهُم 
وجمع كُلُ غنائم الأرضِ عليهُم لزام 
.
حديثهُم العلم كُلهُم عُلماء  لا جاهل 
بينهُم غنياً وفقيرا كُلهُم عالماً وإمام 
.
نحنُ معشر البشرِ نعيشُ  في حالةِ 
رُعبٍ نُخيفُ بعضنا نوايانا سِهام 
.
أُناسٌ تعمل بكد اليمين تبيتُ جوعا 
وأُناسٌ بلا جهدٍ تجني وتدعي الأقسام 
.
كم من فقيرا بين ليلة وضُحاها يُصبِحُ 
غنيا وكم من غنيٌ في خيام الفُقر نيام 
.
أُناسٌ تنامُ على حرير  وتحرُسُها أُناسٌ
 تنتظرَ من كَرَم موائِدهِم  بقايا طعام 
.
دُنيا يجهدُ فيها كُلُ من عليها الفقير 
والغني والكُل بعد الموت سواسيةً نيام 
.
أجيالٌ تتلوها أجيال العاداتَ هي العاداتُ 
يمر الزمان كالأجيال أياماً شهورا وأعوام 

.
ورثنا عبائة الشرفِ من أجدادنا تمزقت 
ومن كُثرة الترقيعِ  باتت  كُلُها  لِحام 
.
نظُرُتُ من أثقابِها عليِ أجدُ شيئً  تُخبئُهُ 
هذه العبائة ولم  أجد بِها  إلا  الجِهام 
.
قرأت  في طياتِها  إبحثوا عن  الكِرام 
بحثتُ ولم أجِدَ لهُم بالأرض اّثارِ أقدام 
.
هادي صابر عبيد 
سوريا / السويداء 
.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد