المواقف والسلوك * *****م.ن ميساء علي دكدوك/سوريا
*المواقف والسلوك *
*****م.ن
ميساء علي دكدوك/سوريا
***********
يعبر الإنسان عن صحته النفسية بسلوكه الذي يتجلى بواسطة مواقفه وفي أثناء نومه فإنه يدرب ويشرط لاشعوريا بالقوى المحيطة به ليتخذ بعض المواقف إزاء بعض الأمور وبديهي أن الطلاب يجلبون معهم مواقفهم حين يدخلون المدرسة وينتظمون في الصف .
هذا العامل هو العامل المباشر الأهم في تقرير ما إذا كان التعلم سيكون مؤثرا أو لايكون. فإذا كان لطالب موقف مناسب إزاء موضوع مدرسي فإنه قد يستثير دهشة المعلم بقدرته على تعلمه مما يجاوز كل مايتوقع منه.ومن جهة أخرى إذا كان لتلميذ موقف سلبي تجاه الموضوع فإنه يجعل كل الجهود التي يبذلها المعلم في هذا السبيل عبثا لاطائل تحته .وإذا اعتقد تلميذ ترك الشعر طويلا مسترسلا صناعة البنات والمخنثين فإنه من الصعب عليه أن يعتقد خلاف ذلك .
من هنا كانت دراسة المواقف ضرورية للمعلم الذي يريد أن يفهم السبب في أن جهوده تنجح في بعض الأحيان نجاحا باهرا وتخفق في بعض الاحيان إخفاقا تاما .
وهنا لابد من الاشارة إلى أثر المعلم الفعال في تكوين مواقف الطلاب الصحيحة والخاطئة وأهمية انتباه المعلم وحرصه على إعانة طلابه على تكوين خير المواقف ولذلك كان لابد للمعلم من أن يفكر في تعليمه وآثار هذا التعليم ونتائجه وأثر مواقفه هو في تكوين مواقف طلابه. فما هي المواقف ؟؟
الموقف عبارة عن شعور خاص إزاء أمر ما ،ولذلك فإن الموقف يشتمل على اتجاه لسلوك طريق معين في الوضع الذي يشتمل على هذا الأمر ،سواء أكان هذا الأمر شخصا أو فكرة أو شيئا .والموقف عقلي وعاطفي في آن معا وهو مكتسب وليس وراثيا .مثال يوضح تعريف الموقف ،مثلا الوطنية :إن الشخص الوطني يملك شعورا ملائما نحو وطنه ،ولذلك فهو مستعد سلفا للتصرف والتعبير عن النفس بطرائق معينة حين يتطرق الأمر إلى وطنه إذ إنه يسارع إلى الدفاع عن هذا الوطن حين تتهدده الأخطار وهو يوافق على أعماله وأقواله ويتنكر لكل أعمال خصومه وأقوالهم .إن شعوره عقلي في جزء منه وهو عاطفي في جزء آخر .
إنه يستطيع تقديم أسباب وجيهة جدا من أجل دعم وطنه ولكنه أساس هذه الأسباب موجود تحت المحاكمة الشعورية ولو جزئيا وهذا الشعور الوطني مكتسب ، وهو بطبيعة الحال ليس فطريا ولايتجه نحو وطن معين عند الولادة .
والمثل الذي قدمته يشير إلى صفة أخرى من صفات المواقف ،ألا وهي أن المواقف تكون على درجات من العمق ،فالإنسان قد يكون متعصبا لوطنه تعصبا أعمى أو ميالا ميلا معقولا للدفاع عنه أو على درجات تتراوح بين هذين الحدين .
والمواقف قد تكون من النوع المرغوب فيه أو غير المرغوب فيه وذلك يتوقف على موضوع الموقف وعلى درجة التعقل الموجود فيه .
نحن ندرك أن الوطنية صفة حميدة
أما التعصب الأعمى للوطن وحكومة الوطن أمر قد يكون خطيرا ونحن نعترف من جهة اخرى أن التمييز العنصري بجميع أشكاله أمر بغيض وبعيد عن العقل ومبني على العنجهية والإستعلاء وأنه كثيرا مايقود إلى أعمال وأقوال تتنافى مع أبسط متطلبات الإنسانية.
إن الشخص الذي يتعصب ضد الزنوج قد يهاجمهم فيقول عنهم أنهم قذرون ومهملون وأن مكانهم الطبيعي في المطابخ وخدمة المشافي ،إن تعصبه يعميه عن التناقض في أقواله ذلك بأن المطابخ والمشافي هي أكثر الأمكنة حاجة للنظافة. فكيف سيسلمها آلى أناس يعتقد أنهم قذرون ؟؟!!
إن المواقف على صلة بالآراء والأذواق وإن كانت تختلف عنهما ذلك
بأن الرأي أساسا من العقل يفوق أساس الموقف كما أن لونه العاطفي أضعف من لون الموقف ،وصاحب الرأي أقدر على الدفاع عنه عقليا من صاحب الموقف الذي يحاول الدفاع عن موقفه .فالآراء عبارة عن أجوبة محتملة على أسئلة لانملك عنها معلومات كافية توصلنا إلى نتيجة منطقية كاملة . وبديهي انه من الواجب التفريق بين الرأي والحقيقة التي تكون مبنية على وقائع ثابتة .
في حين ان الأذواق هي مواقف موجهة نحو شيء معين ومثال الذوق أن يحب الإنسان قصيدة لشاعر أو لايحبها والإنسان يعلن عن موقف عام حين يقول إنه يحب شعر محمود درويش أو لايحبه .أما حين يقول إن للشعر مكانة هامة في الحياة البشرية أو أنه لامكانة له فإنه يعبر عن وجه من وجوه مجموعة قيمه أو مثله العليا.
وبالرغم من ان مواقف الإنسان كثيرا ماتكون متغيرة فإن بينها في المعتاد صلة إيجابية واضحة .وهكذا فالإنسان المحافظ بالنسبة للدين سوف يكون محافظا بالنسبة للسياسة .والإنسان المؤمن بالتمييز العنصري يكون عادة متعصبا ضد الأقليات .
أخيرا إذا أردت أن تكون ذا رأي وموقف ، وأنت مسؤول احرص على أن تتعلم كيف تتحدث إلى الناس ،فالخطأ اللفظي والأسلوب أحيانا يكونان كالرصاص للمتلقي .
*****
تعليقات
إرسال تعليق