إسقاط الآمال على الأطفال * ****************م.ن ميساء علي دكدوك /سوريا
*إسقاط الآمال على الأطفال *
****************م.ن
ميساء علي دكدوك /سوريا
******************
إسقاط الآمال على الأطفال ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا من قبل بعض الآباء الفاشلين ،إذ يعتبرون أطفالهم وسيلة لتحقيق مافشل من آمالهم للتعويض وكأنهم يريدون أن يعيشوا حياتهم مرة أخرى بطريقة ناجحة من خلال أولادهم ،وبهذا يسقطون عليهم آمالهم في الدراسة وفي العمل،رغبة منهم في التعويض عن فشلهم المهني بدون مراعاة لرغبات الطفل وقدراته .
ولهذا يلجأ الآباء إلى تعنيف الأطفال وذلك بإرسالهم إلى معاهد تدرس جميع المواد من قبل معلمين غير مؤهلين دراسيا وتربية كما يجب ، مما يجعل الأبناء يكرهون المدرسة والدراسة ويعيشون في صراع وفراغ ويلجؤون إلى الفوضى وسوء السلوك ،مما يؤدي إلى عقابهم بالضرب من قبل ناس يدعون التعليم والتربية وللاسف يكون هذا العقاب بموافقة الآباء .
إن هذه الفئة التي تعتقد نفسها مسؤولة عن أطفال تحتاج إلى إعادة تأهيل وذلك لأنهم يحرقون البلد بهذا السلوك ،هؤلاء الأطفال سيكونون رجال الغد في كل المجالات فماذا سينتجون وهم ينشؤون بهذا الأسلوب ؟
للأسف كل مايفكر به ومايريده الأهل هو الحصول على النجاح وبمعدل مرتفع تؤهلهم على تحقيق آمالهم هم وليس آمال أبنائهم غاضون النظر عن الجوانب الأخرى للتربية ،غافلون أن للأطفال حياة يجب أن يعيشوها ويمارسون حقهم باللعب وممارسة الهوايات والعيش بظل أسرة تعتمد على نظام معين في الحياة ،هؤلاء الفئة من الأطفال محرومون من المحبة والحنان والدفء ومن العيش بجو أسروي آمن.
وهناك آباء آخرون اكتسبوا مركزا اجتماعيا مرموقا بسبب مابذلوه هم فيتوقعون من أطفالهم أن يستمرون في رفع اسم العائلة بقيامهم بأعمال متشابهة .
هؤلاء الصغار يحاولون جاهدين أن يكونوا كما يتوقع منهم الآباء، فيصابون بحالة من التوتر الانفعالي المستمر وهم يجدون أنفسهم معظم الوقت تحت ضغط شديد حتى أنه لاتكاد تتاح لهم فرصة للتسلية والراحة ،فتكون النتيجة أن تنشأ لديهم مشاعر عدم الأمان ،وفي كثير من الحالات يطلب فيها منهم التمكن من مواد الدراسة والمهام الأخرى التي ليست لديهم القدرةالمناسبة عليها أو الاهتمام بها ،فإن احترامهم لأنفسهم يصبح مهددا وتظهر لديهم مشاعر النقص وضعف الثقة بالنفس.
وهناك مشكلة لاتقل أهمية عن التي ذكرتها ألا وهي حماية الأطفال المفرطة ،ليس من ينكر أنه ينبغي أن يشعر الطفل أن من بالمنزل يهتمون به ، وأن الطفل بحاجة إلى العطف والتوجيه ،إلا أن الحماية الزائدة المفرطة من جانب الآباء وشدة الخوف عليه يجعل في إشباع هذه الحاجات الأساسية شيئا من الخطورة وهكذا فإن الطفل الذي يخطىء الآباء في معاملته يصبح غير قادر على الإعتماد على نفسه وغير قادر على مواجهة الصعاب التي بلا شك سوف تقابله مستقبلا ،والنتيجة هي التهديد المستمر إلى حد يقل أو يزيد لإحساسهم بقيمتهم الشخصية ،فإذا كبر الطفل وجد أن الناس خارج المنزل لن يشبعوا كل رغبة لديه وبهذا يتكرر الإحباط ،وقد يكون ردا لفعل له أو نقدا شديدا أو الشعور بمشاعر الفشل والميل إلى البعد عن الآخرين .
هذا الطفل عادة يكون قليل المبادرة ،تنقصه الثقة بقدراته .
لماذا يبادر الآباء لتلك الحماية الزائدة ؟ يبادرون إلى هذا الفعل بسبب ماعانوه في حياتهم من عدم تلقي الحب والعطف في طفولتهم
وبسبب الحياة في ظل أبوين غير منسجمين (خلافات مستمرة بين الام والاب ) وقد يكون بسبب الإحباط في الدراسة والعمل وعدم تحقيق أهدافهم المهنية ،وقد يكون بسبب فقدان أحد الابوين في صغرهم .
والسبب الأخير قد تكون الاسرة فقدت طفلا .
إن الأطفال يختلفون من حيث ردة الفعل على شدة خوف وحرص الوالدين عليهم ،فمنهم من يظهر حدا أدنى من السلوك غير المرغوب فيه بينما تظهر على بعضهم الآخر أعراض سوء التكيف الإجتماعي الخطيرة،وقد يصبح الأطفال بصفة خاصة ضحايا لارتباطهم وتعلقهم بوالديهم ارتباطا قويا أو لنقص الشعور بالثقة بالنفس أو تكون ردة فعلهم على الإحباط ردا عنيفا وأن يقاومون السلطة مقاومة شديدة ،كما يحتمل أن يصبحوا دكتاتوريين ويطلبون أن يكونوا مركز الإهتمام وينتظرون الكثير من الآخرين ويفرضون مايحبون ومايكرهون على من يحيطون بهم وينفذون مايريدون بالغضب والعبوس والصياح والتهديد .
إن الملاحظة تكفي لرؤية هذه النماذج في مجتمعاتنا ولاتحتاج إلى دراسات وأبحاث ،فياربي لاتكلهم لأنفسهم طرفة عين ويسر لهم أمورهم ولا تعاملهم بضعفهم وقلة حيلتهم .
*******م. ن
تعليقات
إرسال تعليق