ما هي قواعد مخاطبة العقل الباطن التي تفعِّل قوة عقلنا الداخلي؟ بقلم دكتورة /دعاء الغندور

ما هي قواعد مخاطبة العقل الباطن التي تفعِّل قوة عقلنا الداخلي؟
بقلم دكتورة /دعاء الغندور 
مستشار أسري وتربوي وأخصائي تربيه خاصه ومعالج سلوكي بالبرمجه اللغويه العصبيه
ان التواصل مع العقل الباطن ليس لغوياً فقط، بل هناك الكثير من الأمور التي تدخل في هذا الإطار، وأهم ما يجب إدراكه هنا أن العقل الباطن لا يفكر بشكل مستقل، بمعنى أن العقل الواعي هو المدخل إلى العقل الباطن، حيث يتلقى العقل الباطن الأوامر والرسائل من العقل الواعي ويعمل على توظيفها وتنسيقها ليكون سلوكنا ملائماً ومتوافقاً مع هذه الرسائل والمعلومات، ولكن وفي نفس الوقت ليس التواصل مع العقل الباطن سهلاً، لأنَّه لا يستقبل معلومات نخبره بها دون مشاعر سلبية أو إيجابية، وعادةً ما تكون الشحنات السلبية أكثر قوة على العقل الباطن من الإيجابية.

وإليكم أهم قواعد التواصل مع العقل الباطن أو مخاطبة العقل الباطن والتأثير عليه:

توقف عن الحديث السلبي وتحكَّم بالعواطف السلبية:
أول ما يجب فعله في رحلة التواصل مع العقل الباطن هو السيطرة على المشاعر السلبية قدر الممكن والسيطرة على الحديث السلبي مع الذات، حيث يتأثر العقل الباطن بشكل كبير بالمشاعر القوية والعميقة، ويقوم بتسجيل الخطاب السلبي وترسيخه وجعله أكثر قوَّة وتأثيراً على حياتنا وأفكارنا.
من الأمثلة الجميلة التي يتم طرحها لطريقة تعامل العقل الباطن مع الخطاب السلبي هي أن العقل الباطن يشبه الملاك الحارس الذي يتبعك، فإن قلت أنتَ "وظيفتي مملة" يكتب هو "مللٌ في الوظيفة"، وإن قلتَ أنت "شكلي بشع" يكتب هو "شكلٌ بشع"... إلخ، ثم يعمل في نهاية اليوم على تحقيق رغباتك التي وصلته على شكل رسائل مشحونة بالعاطفة، العقل الباطن والتكرار ومفهوم التأكيدات الإيجابية:
التأكيدات الإيجابية جزء من لغة الدماغ، وهي مجموعة من العبارات والرسائل التي نقوم بتكرارها للتشجيع ورفع الاستحقاق، وهناك العديد من الكتب والمؤلفات التي تناولت قضية التأكيدات الإيجابية وكيفية عملها، ويمكن تحديد مميزات التأكيدات الإيجابية كالآتي:
التأكيدات الإيجابية لا بد أن تكون إيجابية مطلقة، فالتأكيدات الإيجابية لا تحتوي على أدوات نفي أو ظن مثل "لا، لكن، لن، ربما...إلخ"، بل تحمل كلمات إيجابية بالمطلق.
تستعمل التأكيدات الإيجابية الزمن المضارع، فكل أقوال النية تعتبر تأكيدات ضعيفة (التي تبدأ بـ سوف، قد، سأفعل، سأكون...إلخ).
التأكيدات الإيجابية لا تكون ظنيَّة، فكل العبارات التي تحتوي على ظن أو تردد تضعف من الرسائل الإيجابية للعقل الباطن.
رفع الاستحقاق الذاتي في مخاطبة العقل الباطن
إن الوصول إلى خطاب صحيح وإيجابي مع العقل الباطن يحتاج ثقة عالية بالنفس ويحتاج إلى رفح الاستحقاق الذاتي، ففي كل مرة تعتقد أنك لا تستحق أو أنك لا تقدر؛ ترسل إلى عقلك الباطن رسالة سلبية تعطله من خلالها عن دفعك للتغيير أو فتح بصيرتك على الفرص الجديدة.
لذلك عليك العمل على رفع الاستحقاق بشتى الوسائل، من خلال الرسائل الخفية واللفظية والحديث مع الذات، ومن خلال الإنجازات الصغيرة التي تمهّد الطريق أمام الإنجازات الكبيرة، ومن خلال استخدام الكتابة والخيال والتصور.
الأهداف المحددة في التواصل مع العقل الباطن:
إن التفكير والتخطيط للأهداف من وظائف الوعي وليست من وظائف العقل الباطن، لذلك عندما تريد مخاطبة عقلك الباطن لا بد أن تقدم له أهدافاً واضحة ودقيقة تريد أن تحققها، وهو سيتلقف منك هذه الأهداف ويساعدك على الانتباه أكثر للفرص الممكنة والتي تساعدك في تحقيق أهدافك، ويساعدك على استثمار جهودك بالشكل الأمثل في سبيل الوصول إلى هدفك، وكلما كنت محدداً في مخاطبة العقل الباطن كلما كنت أكثر نجاحاً بالاستفادة منه.
الروتين ومنطقة الراحة في العقل الباطن:
يمكن القول أن العقل الباطن يبحث دائماً عن منطقة الراحة المناسبة لك، والتي تبنى بواسطة الروتين الاعتيادي، فعندما تستيقظ كل يوم وتفكر بالمتاعب التي ستواجهك وتبدأ بموجة التذمر الروتينية؛ يضع عقلك الباطن هذه الأفكار أو الممارسة اليومية إن صح التعبير في خانة منطقة الراحة، يعتقد ببساطة أنك مرتاح للتذمر والشكوى كل صباح!، فيحفزك على تكرار التجربة كل يوم، ويقاوم كل محاولة للتوقف عن التذمر، لأنك أخبرته مراراً أن التذمر مريح لك. 
إذاً ما يجب أن تعلمه أن عقلك الباطن يقاوم التغيير بطبيعته، ويساعدك على التمسّك بما أنت به لأنك أخبرته سابقاً أنها منطقة الراحة الخاصة بك، وعندما ترغب بالتغيير لا بد أن تعيد إرسال الرسائل لعقلك الباطن ليغيِّر هو تصوره عن منطقة الراحة، مثلاً عندما تبدأ بنظام غذائي جديد لا بد أن تعاني في البداية، لكن سرعان ما يفهم العقل الباطن أنَّك تنتقل لمنطقة راحة جديدة ويساعدك على ذلك.
عقلك الباطن يعمل حتى وإن لم تخاطبه مباشرةً:
ما يجب أن تعرفه أيضاً عن قواعد مخاطبة العقل الباطن أن العقل الباطن يقوم بعمله على أي حال، سواء أرسلت له الرسائل أو حاولت التواصل مع عقلك الباطن أو أهملت الفكرة؛ هو يعمل على كل حال، وكل ما تقوله أو تفكر به يتم تسجيله والاستفادة منه لرسم سلوكك وتفاعلك مع الحياة والعالم من حولك، وهنا تكمن أهمية التواصل مع العقل الباطن لجعله يعمل لمصلحتك.
عقلك الباطن يتواصل مع العالم من حولك وليس معك فقط:
لست أنت وحدك من تنقل الرسائل إلى العقل الباطن، بل كل ما تسمعه أو تقرأه أو تشاهده، وكل ما يقال لك أو يجري أمامك؛ كله رسائل تصل إلى العقل الباطن ويستخدمها في "برمجة العقل"، لذلك لا بد أن تكون حذراً بالتعامل مع الانتقادات والأشخاص السلبيين، وحذراً بانتقاء ما تود مشاهدته وقراءته، وأن تكون واعياً لتأثير الرسائل الخارجية على العقل الباطن بشكل سلبي أو إيجابي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد