فى طريق الهدايه ومع قطبة بن عامر إعداد / محمـــد الدكـــرورى

فى طريق الهدايه ومع قطبة بن عامر
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن الصحابة الكرام الذين هم خير خلق الله تعالى بعد الرسل والأنبياء، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أكثر هذه الأمة فهما وعلما، والأطهر قلوبا، والأقوم هديا، وقّافون عند حدود الله، سريعو الإنابة، زُهّاد بالحياة الدنيا، توّاقون للآخرة، فالصحابى هو من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورآه، وآمن به، ومات على ذلك، وكانت حياة الصحابة وجميع أقوالهم وأفعالهم اقتباسا وتطبيقا للقرآن الكريم، واتباعا لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله، فلهم الفضل الكبير في إيصال هذا الدين، ونشره في أصقاع الأرض، وحفظه من التحريف والزيادة والنقصان، وهم من بذلوا الغالي والرّخيص في سبيل نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن دينه، فلاقَوا أشد أنواع العذاب، وصبروا وتحملوا، فهم مصابيح الدُجى، وأئمة الهدى، وقدوة يُقتدى بها فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَال " أصيب، أي لحقت به خسارة رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار ابتاعها فكثر دينه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مترفقا بحاله " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك " والمعنى هو أنه ليس لكم زجره وحبسه لأنه ظهر إفلاسه، بل يُخلى ويُمهل إلى أن يحصل له مال، فيأخذ الدائنون ديونهم بعد ما يحصل له مال ، وليس معناه إبطال ديونهم" رواه مسلم، ولقد كان النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه الكرام، وهكذا فكان من أحواله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه استشارته لهم، فكثيرا ما كان يقول لهم " أَشيروا عليّ أيها الناس" رواه مسلم، وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على تعليم أصحابه، فحينما أساء رجل في صلاته ولم يحسن القيام بها فقد علمه صلى الله عليه وسلم صفتها ثم قال صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى " رواه البخارى، وفي حجة الوادعقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابة " لتأخذوا عنى مناسككم، فإنى لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتى هذه " رواه مسلم، وقال أبو ذر رضي الله عنه " تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما طائر يقلب جناحيه فى الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما "

قَال، فَقَال صلى الله عليه وسلم " ما بقى شئ يقرب من الجنة ويباعد من النار، إلا وقد بُيّن لكم " رواه الطبراني، ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغالاه فى مدحه فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لا تطرونى أى تبالغوا فى مدحى، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا، عبد الله ورسوله " رواه البخارى، فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف نتحدث عن صحابى جليل من صحابته صلى الله عليه وسلم، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الستة الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار وشهد العقبتين وبدرا ورمى يوم بدر حجرا بين الصفين وقال لا أفر حتى يفر هذا الحجر، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرح يوم أحد تسع جراحات، وتوفي في خلافة الخليفه عثمان رضي الله عنهما، ألا وهو قطبة بن عامر بن حديدة.

وهو صحابي من الأنصار من بني سواد بن غنم، من بني سلمة من الخزرج، وكان قطبة واحدا من ستة من الأنصار أسلموا في مكة قبل بيعتي العقبة، ثم شهد بيعتي العقبة، ومن بعدها شهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وكانت معه راية بني سلمة يوم الفتح، وجُرح يوم أحد تسع جراحات، ورمى يوم بدر حجرا بين الصفين، وقال لا أفر حتى يفر هذا الحجر، وكان في شهر صفر فى السنة التاسعه من الهجرة، فقد استعمل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قطبة أميرا على سرية من عشرين رجلا إلى أحد أحياء خثعم، وخثعم حلف قبلي من أنمارية كهلانية سبئية، وهو من قبائل جنوب الجزيرة العربية، وكانوا يشتركون بصنمهم ذو الخلصة مع قبيلة بجيلة وهى الكعبة اليمانية، وقد أمره النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يشن الغارة، فغنموا وعادوا، وكانت بناحية تبالة، وعندما أمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يشن الغارة عليهم فخرجوا على عشرة من البعير، يتعقبونها فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه.

ثم أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالا شديدا، حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعا وقتل قطبة بن عامر من قتل وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة، وفي القصة أنه اجتمع القوم وركبوا في آثارهم فأرسل الله سبحانه عليهم سيلا عظيما حال بينهم وبين المسلمين فساقوا النعم والشاء والسبي وهم ينظرون لا يستطيعون أن يعبروا إليهم حتى غابوا عنهم، ثم كانت سُهمانهم بعد ذلك أربعة أبعرة لكل رجل والبعير يُعدل بعشرة من الغنم، وكما كان قطبة سببا في نزول الآية الكريمة من سورة البقرة " يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى، وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون " وذلك أنه كانت قريشمن الحُمس فكانوا يدخلون من أبواب البيوت، وكانت الأنصار يدخلونها من ظهورها، فبينا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في بستان ومعه أناس من أصحابه، فخرج من البستان ومعه قطبة بن عامر، فقال أناس يا رسول الله، إن قطبة رجل فاجر، قال وما ذاك؟ فأخبروه.

فقال يا رسول الله، إنك خرجت، فخرجت، قال النبي الكريم محمدصلى الله عليه وسلم "فإنى أحمسى" قال قطبة "ديني دينك " فنزلت هذه الآية الكريمة على النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وروى أَبو صالح، عن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مُحرم باب بستان، فأَبصره قطبة بن عامر الأَنصاري، أَحد بني سلمة، فاتبعه، فأبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له " ما أدخلك وأنت محرم؟ "  فقال يا رسول الله، رضيت بهديك ودينك وسمتك، فأَنزل الله عز وجل فى الحال على لسان النبى صلى الله عليه وسلم من سورة البقرة " ليس البر بأنوا تأتوا البيوت من ظهورها" وهو الصحابي الجليل قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد السلمى الأنصارى، أبو زيد وقد شهد بيعتي العقبة الصغرى والكبرى، وكان من أول من أسلم من الأنصار، وقد شهد بدرا وأحدا، وكان من الرماة المذكورين يوم أحد، وجُرح يومئذ تسع جراحات، كما شهد الخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت معه راية بني سلمه فى يوم الفتح.




وأبو زيد بن عمرو بن حديدة، اسمه قطبة، كانت أمه هى زينب بنت عمرو بن سنان بن عمرو بن مالك بن بُهثَة بن قطبة بن عوف بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى بن عمرو بن أسلم، وكان لقطبة من الولد أم جميل، وهي من المبايعات، وأمها هى أم عمرو بنت عمرو بن خليد بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، وتوفى قطبة بن عامر في خلافة الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، وهكذا كانت الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ولكن كيف تقتدي أخى الكريم برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهو أن تشارك صديقك في السراء والضراء وواسه وكن وفيا له مقتديا في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأن تخلص النصح لصديقك واحرص على مصلحته ونصحه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" متفق عليه، وأن تحسنِ اختيار أصدقائك، فالمرء مرآة لصاحبه، وأن تشاور أصدقاءك فيما يجمعكم، ولا تنفرد برأيك دونهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه، وكن هينا، لينا ولا تتعالى على أصدقائك وتتفاخر عليهم، أو تزدريهم وتسخر منهم، و تخلق بأخلاق الإسلام تكن مقتديا به صلى الله عليه وسلم وتكن خير الأصدقاء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد