فى طريق الاسلام ومع غزوة العشيرة (الجزء الأول) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

فى طريق الاسلام ومع غزوة العشيرة (الجزء الأول)
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

لقد أمرنا الله تعالى بالجهاد فى سبيل الله عز وجل، ولكن يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه أولا وإن جهاد النفس يكون بأربعة أمور، وهى أن يجاهد نفسه أولا على تعلم الدين والاقتداء بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وتصرفاته، ثم يجاهدها على العمل بما علم، ثم يجاهدها ثالثا على الدعوة إلى ما علم، ثم يجاهدها رابعا على الصبر على الأذى مما يصيبها في هذه الحياة الدنيا، وهذه هي مراتب جهاد النفس، ولقد حث الله عز وجل الناس على الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، والجهاد في سبيل الله يكون لإعلاء كلمة الله، فالجهاد هو الذي يكون لإعلاء كلمة الله عز وجل، والحفاظ على دينه والحفاظ على ما يحبه سبحانه وتعالى، ودفع ما يبغضه سبحانه وتعالى، والجهاد له فضل عظيم وثواب جزيل من قبل الحق سبحانه وتعالى فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها. 

وموضع سوط أحدكم خير من الدنيا وما عليها، وروحة في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها" رواه البخاري، وكذلك بين النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فضل الحرس والمراقبين للأعداء، ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" ولقد بين الله عز وجل، على لسان نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فضل الجهاد في سبيل الله في أحاديث كثيرة، ومنها "إن في الجنة مائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله" ولقد خصص الله تعالى هذه المرتبة العظيمة، وخصص الله هذه الدرجات للمجاهدين في سبيل الله، الذين يرجون وجه الله تعالى، ويرجون ما عنده سبحانه وتعالى، ثم بين الله عز وجل ترغيبا في الجهاد في سبيل الله فضل الشهادة في سبيل الله، فقال الكريم محمد صلى الله عليه وسلم 

"للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويزوج من الحور العين، ويأمن الفزع الأكبر، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه" رواه أحمد والترمذي، وكان بعد هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة مع المهاجرين من المسلمين، كان لا بد من البدء بتأسيس الدولة الإسلامية وإرساء دعائمها السياسية والاقتصادية لتكون المدينة مكان انطلاق للدعوة الإسلامية، وغير ذلك الكثير مما يتطلبه تحقيق وجود الدولة الإسلامية، وهذا كان ضروريا لنشر الدعوة الإسلامية إلى جميع المناطق وتحقيق الاستقرار بعيدا عن جو مكة المشحون بمكائد كفار قريش، خصوصا أن كفار قريش كانوا يترصدون للمسلمين ويمنعونهم من نشر الدعوة الإسلامية، ولتحقيق هذا كان لا بد من القيام بغزوات ضرورية، وكان منها غزوة العشيرة أو غزوة ذي العشيرة. 

وغزوة العشيرة ويقال بالسين، ويقال العشيراء وقد خرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه في مائة وخمسين راكب وقيل في مائتين وذلك فى شهر جمادى الأولى حتى بلغها وهي مكان ببطن ينبع وأقام هناك بقية الشهر وليالي من جمادى الآخرة ليتتبع عير قريش ثم رجع ولم يلق كيدا وكان استخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وأبو سلمة هو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وهو ابن السيدة برة بنت عبد المطلب وهى عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو أخو النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وكان عبد الله بن عبد الأسد من السابقين إلى الإسلام، حيث أسلم مع عبيدة بن الحارث والأرقم بن أبي الأرقم وعثمان بن مظعون قبل أن يدخل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وقيل أن أبا سلمة أسلم بعد عشرة أفراد، ولقد هاجر أبو سلمة مع زوجته أم سلمة.

وهى السيدة هند بنت أبي أمية المخزومية إلى الحبشة الهجرة الأولى، وعاد منها مع عثمان بن مظعون بعدما بلغه إسلام قريش، فأجاره خاله أبو طالب بن عبد المطلب، وعاد فهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة، ثم عاد وهاجر إلى يثرب، وكانوا من أوائل من هاجر من المسلمين إليها، ولما هاجر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إليها، صحبه أبو سلمة، وآخى بينه وبين سعد بن خيثمة، وقد شهد أبو سلمة غزوة بدر مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكما شهد غزوة أحد وهى التي أصيب فيها بجرح غائر في عضده، أقام يداويه شهرا بعد العودة إلى المدينة المنورة، ثم أرسل له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعقد له لواء جمع فيه سرية من مائة وخمسمون رجل من المهاجرين والأنصار للإغارة على بني أسد، ثم رجع إلى المدينة، فانتقض عليه جرحه، وتوفي من أثر الجرح في جمادى الآخرة فى السنة الرابعة من الهجرة.


وكان لأبي سلمة من الولد سلمه وعمر وزينب ودرة من زوجته السيده أم سلمة، وقد حدثت غزوة العشيرة بعد غزوة سفوان، وهي الغزوة الثانية في التاريخ الإسلامي، وكان سبب هذه الغزوة سببا اقتصاديا بالدرجة الأولى، خصوصا أن كفار قريش استولوا على أموال المهاجرين من المسلمين بعد أن تركوها في مكة وهاجروا إلى المدينة، ولذلك كان لا بد من اعتراض قوافل قريش التي تمر ما بين مكة والشام، وتمر بالقرب من المدينة لاسترداد جزء من أموال المسلمين، لذلك كان السبب المباشرة لهذه الغزوة هو لاعتراض عير لقريش كانت ذاهبة إلى الشام بغرض التجارة، وفي صحيح مسلم من حديث أبي إسحاق السبيعي قال قلت لزيد بن أرقم كم غزا النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال تسع عشرة غزوة أولها العشيرة أو العشيراء، وأما عن زيد بن أرقم، فهو زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد