فى طريق الاسلام ومع غزوة بواط (الجزء الأول) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

فى طريق الاسلام ومع غزوة بواط (الجزء الأول)
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن الله عز وجل خلق الإنسان، واشترى منه نفسه، وتفضل عليه بأن أوجده في هذه الحياة، ثم هو سبحانه وتعالى يدفع الثمن بشراء نفس الذي وهبها له، ولقد بين الله عز وجل، أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم، فهو فضل منه تبارك وتعالى، أن أعطاهم هذه الأنفس ثم هو يشتريها سبحانه وتعالى، بهذه الجنة العظيمة، وقد أثبت الله تبارك وتعالى، ذلك الوعد وذلك الشراء في التوراة والإنجيل والقرآن، فهو فضل منه سبحانه وتعالى، أن أوجب القتال على الإنسان، والقتال أو الجهاد في سبيل الله تعالى، له أهداف عظيمة، وهي أن يكون الدين كله لله، ولذلك، بين أهل العلم أحكام الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، فالجهاد هو بذل الوسع والطاقة، وهو جهاد الكفار والمنافقين والظالمين والمعتدين والبغاة، يجاهدون باليد، واللسان، والقلب، والأموال، وغير ذلك، وحكمه أنه فرض كفاية، فإذا قام به بعض الناس أو قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين. 

وسوف نتحدث فى هذا المقال عن غزوة بواط وهي ثاني الغزوات التي خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شهر ربيع الأول فى السنة الثانية للهجرة، بمائتين رجل من المسلمين ضد قافلة تجارية قرشية في حماية مائة راكب وراجل، بقيادة أمية بن خلف الجمحي، وغزوة بواط واحدة من الغزوات المهمة في تاريخ الدعوة الإسلامية وقد جاءت ضمن الغزوات الممهدة لغزوة بدر الكبرى، ومن المعلوم أن الغزوات التي وقعت قبل غزوة بدر الكبرى كانت ضد المشركين من كفار قريش الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم وأولادهم وأموالهم في مكة المكرمه، وفي سلسلة جبال بواط وهي بواطان أصلها واحد فبواط الجلسي مما يلي المدينة المنورة ويصب سيلها في وادي اضم وهو وادي الحمض، وبواط الغوري وهي مما يلي ينبع النخل ويصب سيلها في وادي الفرعة بينبع النخل وقريب من بواط سلسلة جبال رضوى لذا 

كان المتقدمين يشيرون إلي رضوى عند وصفهم لغزوة بواط، وكان بعد هجرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام من مكة إلى المدينة، تركوا أموالهم كلها في مكة، وقد استولى عليها كفار قريش، لكن كان لا بد من الهجرة والاستقرار في المدينة لإتاحة الفرصة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لنشر الدعوة الإسلامية بعيدا عن جو مكة المشحون بمؤامرات قريش على الرسول والمسلمين، بالإضافة إلى تأسيس الدولة الإسلامية والبدء بنشر الدعوة الإسلامية إلى خارج الجزيرة العربية، ولهذا كان لا بد من قيام المسلمين بعدد من الغزوات لتحقيق الاستقرار في المدينة، ولتحقيق القوة الاقتصادية للمسلمين، ومن هذه الغزوات غزوة بواط، وكان الهدف هو الوصول إلى بواط على الطريق التجارية بين مكة والشام والاستيلاء على قافلة قريش التجارية المارة بتلك المنطقة المكونة من ألفين وخمسمائة بعير 

وهو نوع من الحصار الاقتصادي على قريش، وانتهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عدة أساليب لنشر الدعوة ومواجهة قريش، ومن ضمن هذه المواجهات كانت المواجهة الاقتصادية، لاستعادة جزء من أموال المسلمين المهاجرين التي سلبتها قريش، ولتشكيل وسيلة ضغط على المشركين، وإرغامهم على تعديل طريقة معاملتهم للمسلمين، خصوصا بعد أن أرسى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دعائم الدولة الإسلامية، فاصبح الجو مهيأ لمواجهة قريش، والتخطيط لضرب اقتصادهم عن طريق التعرض لقوافل قريش التجارية، والتي تتردد طريقها ما بين مكة وبلاد الشام، وبهذا يسترد المسلمون جزءا من أموالهم التي أخذتها قريش، ولتحقيق هذه الخطة الاقتصادية، كان لا بد من القيام بعدد من الغزوات، وهذه الغزوات كانت قبل غزوة بدر الكبرى، حيث كانت بمثابة غزوات تمهيدية لخوض معركة فاصلة.

وبهذا كانت غزوة بواط، التي كان سببها الرئيسي استرداد الأموال من قريش، فكان في شهر ربيع الأول فى السنة الثانيه من الهجرة فقد خرج فيها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في مائتين من أصحابه، يعترض عيرا لقريش، فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش، وألفان وخمسمئة بعير، فبلغ بواطا من ناحية رضوى، وأما عن أمية بن خلف فهو أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الجمحي المكي، وهو أحد رؤوس قريش وكبارهم، وقد قُتل في غزوة بدر في العام الثاني الهجري على يد الصحابي بلال بن رباح، وكان أمية بن خلف من سادات قريش، وقد حارب دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في بدايتها، وصد عنها ووقف في وجه كل من يتبعها خاصة الفقراء والمستضعفين، وكان من بين هؤلاء المستضعفين الصحابي 

بلال بن رباح، الذي دخل في الإسلام خفية بدون علم أمية بن خلف، وفي يوم جاء رجل مشرك إلى أمية بن خلف وهو في مجلس لقريش وناداه قائلا، أو ما بلغك الخبر، لقد شهدت عبدك بلال يختلي مع محمد وصحبه، فقام أميه من مجلسه ودخل داره منتظرا رجوع بلال، ولما قربت الشمس على الغروب، دخل بلال على أمية فقال له ما هذا الذي بلغني عنك أيها العبد الحبشي، أحقا أنك اتبعت دين محمد، فأجاب بلال، أما وأنه بلغك أمري وعلمت بإسلامي فإني لا أخفي عليك أني آمنت بالله ورسوله وأنا من جنوده، فأجابه أمية، لست أيها العبد إلا مملوك، لا تملك من أمرك شيئا، وأقسم أن يذيق بلال صنوف العذاب ليرغمه على الرجوع إلى الكفر والشرك كما كان، فأعد الحبال وشد بها أقدام بلال وقيدت يداه إلى الخلف، وجر على الأرض وسط الصحراء، وكان يترك بلال في الصحراء من الظهيرة إلى غروب الشمس، ويأتيه قائلا، ما رأيك الآن يا بلال، أذقت العذاب. 




وهل آن لك أن ترجع إلى عبادة اللات والعزى، وكان بلال يقول أحد أحد، وأبى أن يعود إلى الشرك، وقد مضت الأيام وبلال يُعذب، حتى مر أبو بكر الصديق يوما فآلمه ما رأى من عذاب بلال، فقال لأمية متى تترك هذا المسكين، فقال أمية إنه عبدي وملكي، وإذا كنت مشفقا عليه فاشتره، فاشتراه أبو بكر الصديق واعتقه، وأما عن غزوة بواط، فقد علمت عيون قريش بخروج المسلمين فأسرعت القافلة بحركتها وسلكت طريقا غير طريق القوافل المعبدة، فتخطت المسلمين، ورجع المسلمون إلى المدينة، وقد استخلف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ، ويقال السائب بن عثمان بن مظعون واللواء كان أبيض، وحامله سعد بن أبي وقاص، وأما عن سعد بن معاذ فهو صحابي، كان سيدا للأوس في يثرب قبل الهجرة النبوية، وقد أسلم سعد بن معاذ، على يد مصعب بن عمير الذي أرسله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب ليعلم أهلها دينهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد