شعاع من نور ومع سرجون الأكدى (الجزء الأول) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

شعاع من نور ومع سرجون الأكدى (الجزء الأول)
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن التاريخ وعن أهم الشخصيات التاريخية عبر العصور وإن عجلةَ الأعمار وقطار الزمن يمضي بسرعة فائقة، لا يتوقف عند غافل، ولا يحابى كل ناس ذاهل، فكم ودّعنا في اعوام منصرمة من أخ أو قريب، وكم فقدنا من عزيز وحبيب، سبقونا إلى القبور، وتركوا عامر الدور والقصور، فكم من خطوات مشيناها، وأوقات صرفناها، ومراحل قطعناها، ومع ذلك فالإحساس بمضيها قليل، والتذكر والاعتبار بمرورها ضئيل، مهما طالت مدتها، وعظمت فترتها، ودامت بعد ذلك حسرتها، ما أحوج الأمّةَ الإسلامية اليوم بالتفاؤل والتطلعات، للخروجِ من الفتن والمشكلات، وتجاوز العقبات والأزمات، ومواجهة التحديات والنكبات وأن تقرأ تاريخها، إذ فيه العِبر والعظات، فاقرؤوا التاريخ الإسلامي، لتدركوا كيف كانت أحداثه العظام ووقائعه الجسام فهى نقطةَ تحول كبرى، لا في تاريخ الأمة الإسلامية فحسب. 

بل في تاريخ البشرية قاطبةً، فاقرؤوا التاريخ لتروا كيف كانت وقائعه العظيمة منعطفا مهما غيّر مجرى التاريخ الإنساني برمّته، وتعتبر دراسة التاريخ هى مهمة لمساعدة الجيل الحديث على الاطلاع على الثقافات البشرية التي تروي العديد من القصص الإنسانية من الماضي القديم، بالإضافة إلى دورها في تمجيد الأجداد وأفعالهم، والأبطال، والآلهة، والحيوانات التي تم تقديسها قديما، مع العلم بأنه لا إله إلا الله سبحانه وتعالى وهو وحده لا شريك له ولا نظير له عز وجل، ولكن هى كانت إعتقادات القدماء من البشر فمنهم من ضل الطريق وحاد عن طريق الحق والطريق المستقيم وهى طريق الهداية إلى الله عز وجل، ويساعد التاريخ على الحفاظ على القصص المختلفة للشعوب القديمة لفترة زمنية طويلة، وعليه فيعدّ التاريخ عبارة عن حساب يقوم بتصحيح التفكير الخاطئ بالأحداث التاريخية القديمة. 

ويحافظ على النشاط الروائي البشري ويعتبر التاريخ هو المادة الرئيسية والأساسية التي اختص بها عدد كبير من أبناء العالم، وذلك نابع بدرجة رئيسية ومن أهميته التاريخ الكبيرة في حياة العالم، هو أن التاريخ هو السجل الكامل لمختلف الوقائع التي وقعت منذ أن بدأت الكتابة على وجه الأرض إلى يومنا هذا، وهو واحد من أهم العلوم التي تدرّس باستمرار في مختلف مناطق العالم، ويساعد التاريخ على معرفة ما كان من شأن الأمم البائدة بشكل عام، حيث يفيد هذا الأمر في معرفة الطريقة التي تقدم بها الإنسان، والذي نتج أساسا عن تقدم العقل البشري وما صاحبه من تقدم في النظريات، والفلسفات، والعلوم، والأفكار المختلفة، إلى أن وصلت كلها إلى ما وصلت إليه اليوم من تطور كبير، فأفكار اليوم ليست كالأفكار في القرون الوسطى، يؤدي التعمق فيه إلى إدراك الكيفية التي تنهض بها الأمم والحضارات المختلفة. 

وإلى إدراك العوامل التي تسرع من أفول هذه الحضارات، وربما تكون أهم أسباب الأفول الحضاري الابتعاد عن الأفكار المؤسسة لحضارة معينة، ففي بداية نشأة الحضارة يكون التمركز كبيرا جدا حول أفكارها المؤسسة، أو حول الشخص المؤسس، وبعد مضي فترة عليها يبدأ الأفراد بالتمرد شيئا فشيئا، وتبدأ الأطماع البشرية بالتسلل إلى النفوس، إلى أن تدب النزاعات، وتسيطر الخلافات، ويصبح كل امرئ معنيا بنفسه ومطامعه فقط، فتأتي حضارة أخرى فتحل محلها، وهكذا في المجمل، وأيضا التاريخ يعلم الناس في الزمن الراهن ما ينفعهم من أجل استدامة نوعهم، وأفكارهم، وعلومهم، وحضاراتهم، فالناس مرتبطون بشكل أو بآخر بالتاريخ، وإن حاولنا التعمق في بعض الحضارات نجد أن التاريخ له أهمية عظيمة في راهن أبنائها، وذلك لأنهم يعتمدون على القدماء بكل صغيرة وكبيرة كما يحصل في الحضارات ذات النزعة الدينية. 

وعلى وجه التحديد الحضارات المبنية على الأديان التوحيدية، فالنصوص الدينية تبدأ بالكتاب المقدس، وتأخذ بالتطور شيئا فشيئا إلى أن يصير تراثاً كاملا متكاملاً يتضمن العديد من المجلدات والمؤلفات الضخمة والكبيرة، حيث يصير من الصعب جدا إلا بجهود جبارة العودة إلى النص المقدس الأصلي، وحذف العديد من النصوص التاريخية المخالفة لجوهر الدين الأصلي والتي تم إلحاقها بالدين بشكل أو بآخر، وكا يقدّم التاريخ نماذج حية للناجحين، فالتاريخ طافح بالنماذج الإيجابية التي يمكن أن يرى الإنسان بها نفسه في أي زمان ومكان، فالتاريخ فيه معلومات عن الأنبياء، والرسل، وأتباع الديانات، ومن أحاطوا بالرسل، والعلماء، والمفكّرين، والمبدعين من الفنانين وغيرهم، والفلاسفة، والحكماء، وغيرهم، فكلّ هؤلاء استطاعوا إضافة الشيء الكثير للتاريخ، والإنسانية، وسوف نتحدث فى هذا المقال عن شخصية تاريخية مشهورة. 

ألا وهو الملك سرجون الأكدى، وسرجون هى كلمة معناها باللغه الآكادية هو الملك الاسد، والأكدية أو اللسان الأكدي، هي لغة عراقية قديمة وهي لغة سامية قديمة، ظهرت في بلاد الرافدين، وهى العراق حاليا، منذ ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد وانتشرت لتصبح اللغة الرسمية في الهلال الخصيب، وهي تصنف ضمن مجموعة اللغات السامية الشرقية، وتعد من أقرب اللغات القديمة إلى اللغة العربية، وقد ظلت اللغة الاكدية بلهجتها البابلية الحديثة لغة الخطاب والمكاتبات حتى عام خمسمائة وأربعين قبل الميلاد، وهو العام التي وقعت فيه البلاد بابل وآشور تحت الاحتلال الخاميني الفارسي، وكانت تدون بالخط المسماري فوق ألواح الطين التي يرجع تاريخها للنصف الأول للألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت لهجتان من الأكدية متداولتين وقد ظلتا سائدتين حتى ظهور المسيحية، والملك سرجون الأكدى، هو مؤسس السلالة الأكادية.

أوالإمبراطورية الأكدية، وهي إمبراطورية تمركزت في مدينة أكاد وهى سومرية وبالمناطق المحيطة بأكد في منتصف بلاد الرافدين وهى العراق حاليا، وتقع مدينة أكد على الضفة الغربية لنهر الفرات بين زمبير وكيش في العراق وقد أزدهرت الحضارة الأكدية ووصلت ذروتها، عقب غزو سرجون الأكدي، وبسبب السياسات الأكدية نحو الاستيعاب اللغوي، أخذت أكد هذا الاسم من اللهجة السامية الغالبة، وهى اللغة الأكدية، وفي الفترات البابلية القديمة كدليل على وجود نسخة سامية للنصوص سومرية الأصل، والمتحدثون باللغات سامية وجدوا في بلاد الرافدين خلال الألف الثالث قبل الميلاد بالهجرات سامية من بلاد الشام، وسرعان ماحققت الصدارة في بداية حكم السلالة الكيشية وعدد من المواقع شمال سومر، حيث هنالك بدأ الحكام ذوو الأسماء ذات الأصل السامي بإنشاء ممالكهم في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكان واحد من هؤلاء، وجد تزامنا مع آخر حكام سومر، لوجال ساجيسي وهو حاكم أوروك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هدى و العيون بقلم الشاعر هادي صابر عبيد

حرب السادس من أكتوبر: انتصار الإرادة والكرامة العربية بقلم/مرڤت رجب

الوحدة المنتجة المدرسية تنير سماء الشروق كتب عاطف محمد