نساء من هذا الزمن.....، بقلم الاستاذة ،، 📰لطيفه البابورى
نساء من هذا الزمن.....
منذ بدأت تعي معنى الحياة، أيقنت أن هذا الجمال الذي يزهر في تفاصيلها سيكون وبالا عليها كما حدث مع والدتها....
كانت والدتها جميلة جدا، لكن جمالها لم يشفع لها أمام معاملة زوجها السيئة فانفصلت عنه بعد أن كاد يقتلها في إحدى المرات، يومها اذعنت جدتها القاسية ووافقت ان تصبح ابنتها مطلقة على أن تبكيها طول العمر، لكن والدتها غادرت سجن الزوج لتدخل سجن القبيلة او العائلة التي لم تعرف الطلاق في تاريخ زواج بناتها، صبرت الوالدة مدة من الزمن ثم قررت أن تستقل بحياتها رغم رفض وتعنت الجميع ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مسجلة في عرف العائلة الموسعة بصفة التمرد، ولم يقتصر الأمر على الغضب بل انتقل الى النبذ والتحاشي خوفا من جمالها فلم تكن تدعى الى اي مناسبة وان حدث وحضرت تكون كل العيون مسلطة عليها.
كبرت الصبية ،وكانت ذات شخصية قوية لم يهزها يوما رفض أمهات بعض صديقاتها صحبتها لبناتهن حتى أن صديقتها المقربة أسرت لها يوما أن اخاها طلب منها أن تمتنع عن رفقتها لا لشيء الا لأنها ابنة لامرأة مطلقة.... كما حاول خالها كثيرا أن يرغمها على ارتداء الحجاب مثل بناته، لكنها رفضت وكذلك فعلت والدتها.....
لن تنس أبدا أن نظرات جدتها العجوز لها وكأنها خطيئة،كانت تزعجها، فقد سعت كثيرا لتجبر والدتها على( تصفيحها) وهي عادة معروفة كالختان في بعض البلدان تقوم بها إمراة مسنة حيث تعمد الى احداث بعض الجراح الخفيفة بمشرط صغير في ركبة الفتاة وتغمس حبات الزبيب في ذلك الدم، ثم تاكلها الفتاة و هي تتمتم ببعض الكلمات والتعاويذ مفادها ان تصبح عذريتها كالصفيح فلا تفقدها إن لامست جسما صلبا او مارست علاقة، على أن يفتح ذلك الجرح ليلة الزفاف ليتمكن العريس من فض بكارتها واعلان شرفها....
رفضت والدتها هذا الأمر بشدة ونعتت أخواتها البنات بالجهل والانصياع للتقاليد والعادات البالية، لكن هذا لم يحبط من اصرار الجدة التي استغلت اول غياب لابنتها بداعي السفر لتنجز مهمتها ومن يومها وهي تكره هذه الجدة رغم مقاطعة أمها للعائلة...
لم تنس يوم استدعت مديرة المدرسة خالها لتلفت انتباهه إلى ملابسها التي رأت المديرة انها مخلة بقانون المؤسسة، يومها انتظرت ان يدافع عنها خالها، أن يذكر خصالها وأنها فتاة ملتزمة بآداب السلوك، وان كان يجب أن تغير من هندامها فهي ستفعل احتراما لقانون التربيه، لكنه لم يفعل ، نكس راسه في خضوع وكأنها جلبت له العار، كم ودت يومها أن تسأله أليس هو من علمها الصلاة، أليس هو من رباها مع بناته، لكنها لم تفعل صمتت لأنها أنكرت جبنه، وزاد كرهها له حين كانت تراه في أعقاب زفاف بناته، كيف يكون مضطربا وخائفا إلى أن تعلمه زوجته بأن شرفه مصونا وان ابنته رفعت رأسه، كم كرهت ضعفه، الهذه الدرجة لم يكن يثق في بناته، ألم يكن يثق في ما علمهن من مبادئ، لذلك كانت ترفض القيود.
قررت أن تهاجر لتنحت كيانها بعيدا عن العبودية المقنعة باسم العادات والاعراف، حين فاتحتها والدتها في أمر زواجها لم تحزن، رحبت بالأمر فذلك حق والدتها وليس لاحد وصاية عليها، خاصة أنها تأكدت ان لا ذنب لوالدتها في أمر الطلاق فوالدها كان عنيفا حتى انها سمعت زوجته في احد المرات التي اضطرت فيها لزيارته، سمعتها تلعن اليوم الذي تزوجته، وتخبره أن لا إمراة تستطيع معاشرته وان والدتها لها الحق حين أصرت على الطلاق... منذ ذلك اليوم تغير مفهومها للحياة، تأكدت أن الطلاق حل إذا استحالت الحياة.......
سافرت تصحبها دعوات والدتها بأن تصادف من يهبها الحياة....
تعليقات
إرسال تعليق