فيطريق الهدايه ومع عبد الله بن حُذافة السهمى ( الجزء الأول ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى
فى طريق الهدايه ومع عبد الله بن حُذافة السهمى ( الجزء الأول )
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ومازال الحديث موصولا عن صحابة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من العبادله، وعن فضل الصحابه يخبرنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال " إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيء " رواه الإمام أحمد، وقال أيضا رضي الله عنه " من كان مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب هم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
كانوا أفضل هذه الأمة، فهم أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، فقد اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، ومعنا فى هذا المقال الصحابى الجليل عبد الله بن حذافة السهمي وهو الملقب بأبي حُذافة، وهو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد السهمي القرشي الكناني، وكانت أمه هى السيده تميمة بنت حرثان من بني الحارث بن عبد مناة، وهو أحد صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذين بعثوا إلى ملوك الأعاجم برسائل تدعوهم إلى الإسلام، وكانت رسالة عبد الله بن حذافه، إلى كسرى ملك الفرس وذلك في السنة السادسة للهجرة، وفي السنة التاسعة للهجرة خرج مع جيش المسلمين لمحاربة الروم في بلاد الشام وقد أسر عندهم، وقد كان عبد الله بن حذافه، قد هاجر إلى الحبشة.
وكان ذلك بعد أن اشتد إيذاء المشركين في مكة للمسلمين، وشهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوة أحدوما بعدها من الغزوات، وشهد كذلك فتح مصر، وقد توفي فيها عام ثلاثه وثلاثين من الهجره، وقداشتهر عبد الله بن حذافه بين الصحابة بدعابته اللطيفة، وأبو حذافة، أو أبو حذيفة، هذا هو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال "سلوني عما شئتم" من أبي؟ فقال: " أبوك حذافة بن قيس" فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعق منك، آمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس، فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به، وكانت في عبد الله بن حذافة دعابة معروفة، وعن أبي هريرةرضى الله عنه، أن عبد الله بن حذافة صلى فجهر بصلاته.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ناج ربك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك" وفي السنة السادسة للهجرة بعد عقد صلح الحديبية مع قريش عزم رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يدعو ملوك وأمراء ذاك الزمان إلى دين الإسلام، فوقف وخطب بصحابته واختار منهم من يحمل رسائله، وكان اختيار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لسفرائه قائمًا على مواصفات معينة، اذ كانوا يتحلون بالعلم والفصاحة، والصبر والشجاعة، والحكمة وحسن التصرف، وحسن المظهر، وكان عبد الله بن حذافة ممن اختارهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليحمل رسالته إلى بلاد فارس حيث كان له دراية بهم ولغتهم، وكان أبي حذافة مضرب الأمثال في الشجاعة وثباته عند الشدائد.
وقد جاء بالرسالة أنه " بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول اللهإلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك " فانطلق أبو حذافة راكبا حصانه متجها إلى فارس وعند وصوله بعد حوالي شهر أخذ يسأل ويبحث عن القصر حتى وجده، وكان قصر كبير محاط بالجنود والأسوار، فاقترب من الحراس وأخبرهم أنه يحمل رسالة إلى الملك، فوصل الخبر إلى كسرى وأمر بتزيين الإيوان وهو مجلس لكبار القوم، ودعا عظماء الفرس ليكونوا في المجلس.
وعند انتهائهم من تجهيزات الإستقبال سمحوا لأبي حذافة بالدخول، ودخل أبو حذافة قاعة المجلس مرفوع الرأس واثقًا في خطاه فنظر إليه كسرى نظرة احتقار، وذلك لأنه رآه مرتديا عباءة قديمة ويظهر عليه بساطة أعراب البادية، فأشار إلى أحد جنوده أن يحمل الرسالة، إلا أن أبي حذافة أبى ذلك وأصر أن يسلمها للملك بيده، وعند تسليمها أمر كسرى أحد الكتبة الذين يجيدون العربية أن يقرأها له، وما إن سمع كسرى أن محمد قد بدأ بنفسه قبل إسمه غضب وأخذ يمزق الرسالة دون أن يعلم ما مضمونها، وأمر أبو حذافة بالخروج، فخرج وعاد إلى يثرب، وعندما عاد كسرى إلى رشده أمر جنوده بجلب أبي حذافة عنده فلم يجدوه، وعند وصول أبو حذافة عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخبره ما حدث معه من تمزيق كسرى للرسالة فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " مزّق الله مُلكه " وكتب كسرى إلى نائبه في اليمن باذان، رسالةً، وهو أن يبعث رجلين قويين إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يحضراه إليه، فبعث باذان، إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رسالةً مع رجلين قويين يأمره بها أن يذهب معهما فورا للقاء الملك كسرى، فعند وصول الرجلين عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال لهما " ارجعا إلى رحالكما اليوم وائتياني في الغد " وفي اليوم التالي جاء الرجلان عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن كسرى قد مات على يد إبنه شيرويه، فعادا الرجلين إلى باذان، وأخبراه بما حصل، وبعد بضعة أيام وصلت رسالة إلى باذان أن شيرويه قد تولى الحكم فأعلن باذان إسلامه،
تعليقات
إرسال تعليق