فى طريق الهدايه ومع معاويه بن حديج ( الجزء الأول ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى
فى طريق الهدايه ومع معاويه بن حديج ( الجزء الأول )
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ومازال الحديث موصول عن الدوله الأمويه ومع قائد فى عهد الدوله الأمويه ومع معاوية بن حديج بن جفنة بن قتيرة التجيبي الكندي وكان يكنى بأبي نعيم، وهو قائد عسكري حليف لبني أمية، وقيل أنه صحابي على قول الأكثرين وقد شهد فتح مصر، وهو الذي وفد إلى عمر بفتح الإسكندرية، وأما عن بنو تجيب، فهم بطن من بطون السكّون من قبيلة كندة وهم بنو عدي وسعد ابني أشرس بن شبيب، حيث تفرع منهم سلالة بنو صمادح وبنو هاشم وبنو الأفطس الذين حكموا سرقسطة وأراغون والمرية بالأندلس، وقد أسلم بنو تجيب ووفدوا على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في السنة التاسعة للهجرة وذلك قبل وفود باقي كندة بقيادة الأشعث بن قيس في السنة العاشرة للهجرة، وقد أتوا على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في ثلاثة عشر راكبا من عليتهم.
وقد أكرمهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا لغلام كان من ضمن الوفد كما ذكر الواقدي فقال" قدموا سنة تسه من الهجره، وكانوا ثلاثة عشر رجلا، فأجازهم أكثر ما أجاز غيرهم، وأن غلاما منهم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حاجتك؟ " فقال: يا رسول الله أدع الله يغفر لي ويرحمني ويجعل غنائي في قلبي، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه " فكان بعد ذلك من أزهد الناس، وقد ساقوا عند قدومهم صدقات أموالهم التي فرضى الله عليهم، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بهم وأكرم مثواهم، وقالوا: يا رسول الله إنا سقنا إليك حق الله تعالى، في أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ردوها فقسموها على فقرائكم " قالوا: يا رسول الله ما قدمنا عليك إلا بما فضل عن فقرائنا.
فقال أبو بكر: يا رسول الله ما قدم علينا وفد من العرب مثل هذا الوفد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الهدى بيد الله عز وجل، فمن أراد الله به خيرا شرح صدره للدين" وقد شارك بنو تجيب في فتح مصر وقد ولى عمرو بن العاص مهمة تخطيط الفسطاط إلى معاوية بن حديج، وتولى القضاء إبان خلافة معاوية بن أبي سفيان، سُليم بن عتر التُجيبي الذي بقي قاضيا طوال خلافة معاوية، وكان سُليم، هو أول قاضى نظر في الجراح وحكم فيها، وكان أول قاضى بمصر سجل سجلاً بقضائه، وكان عبد الرحمن بن معاوية التُجيبي ولي القضاء من قبل والي مصر عبد العزيز بن مروان وكان أول قاض نظر في أموال اليتامى، وضمن عريف كل قوم أموال يتامى تلك القبيلة، وكان أشهر من تولى الشرط فهو عبد الله بن عبد الرحمن التجيبي الذي أجمع الجند على توليته الشُرط عام مائه وواحد وثلاثين من الهجره، إلى أن يأتي رأي الخليفة مروان بن محمد.
ثم ولي الشرط في ولاية حميد بن قرطبة مصر عام مائه وثلاثه وأربعين من الهجره، بعد أن استشار الجند، واستمر على الشُرط في ولاية يزيد بن حاتم عام مائه وأربعه وأربعين من الهجره، وفي سنة مائه واثنين وخمسين من الهجره، فقد ولَّى أبو جعفر المنصور، وعبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية التُجيبي ولاية مصر وتوفي وهو واليها سنة مائه وخمسه وخمسين من الهجره، ثم وليها أخوه محمد بن عبد الرحمن باستخلاف أخيه له، فأقره أبو جعفر على صلاتها، وجعل على شُرطه العباس بن عبد الرحمن التُجيبي، وتُوفي محمد بن عبد الرحمن في شوال مائه وخمسه وخمسين من الهجره، فكانت ولايته ثمانية أشهر ونصف، وكان لبني تجيب دورهم في فتوح مصر وإدارتها لكن كان لهم دور أوضح في الأندلس، فقد شاركوا في فتح الأندلس واستقروافي أراغون عند الفتح .
وقد برز عدة رجال منهم في عهد الإمارة والخلافة الأموية وملوك الطوائف، وتفرعت هذه الأسرة فرعين هما: بنو هاشم ومقرهم سرقسطة، وبنو صُمادح ومقرهم المرية، وأقيم عبد الرحمن التجيبي رسمياً شيخا عليها، وأما عن كِندة، فهى قبيلة عربية قديمة ويعود ذكرها في نصوص المسند السبئية للقرن الثاني، وعُرفت هذه القبيلة في كتب التراث باسم كندة الملوك، حيث قامت مملكة كندة في نجد لتأمين الطريق التجارية، وكان تاريخ مملكتهم الجاهلية، يشوبه الكثير من الغموض فقد تحدث عنه الإخباريون وأُكتشفت كتابات عديدة في قرية الفاو مكتوبة بخط المسند القديم، وقد اعتنقوا الإسلام في القرن السابع الميلادي وكانوا ممن وفد على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في عام الوفود واشتركوا في الفتوحات الإسلامية ونزل كثير منهم الشام والعراق وشمال أفريقيا .
وقد أقاموا أربع دول في الأندلس، وتنقسم كندة لثلاث أقسام رئيسية هي بنو معاوية الأكرمين وبنو السكاسك وبنو السكون، ويتواجدون في اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وتوجد عشائر في العراق والأردن، وأما عن معاويه بن حديج، فقد شهد معركة اليرموك سنة خمسة عشر من الهجره، ثم شهد فتح مصر سنة عشرين من الهجره، وقد شهد كذلك مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح قتال البربر وولي حروبا كثيرة في بلاد المغرب وكان أمير وقائد الكتائب في فتح أفريقيا وغزا النوبة فأصيبت عينه هناك وأصبح أعورا، وقد شن هجوما مفاجئا على صقلية سنة أربعه وأربعين من الهجره، وولي على برقة سنة سبعه وأربعين من الهجره، وقد كان عثمانيا في أيام علي بن أبي طالب بمصر، ولم يبايع عليا بالكلية، فلما أخذ معاوية مصر أكرمه ثم استنابه بها.
وكان ذلك بعد عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه ناب بها بعد أبيه سنتين، ثم عزله معاوية، وولى معاوية بن حديج، فلم يزل بمصر حتى مات بها في سنة اثنين وخمسين من الهجره، وعن عبد الرحمن بن شماسة قال: دخلت على السيده عائشة رضى الله عنها، فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل مصر، قالت: كيف وجدتم ابن حديج في غزاتكم هذه؟ قلت" خير أمير ما يقف لرجل منا فرس ولا بعير إلا أبدل مكانه بعيرا ولا غلام إلا أبدل مكانه غلاما" قالت:" إنه لا يمنعني قتله أخي أن أحدثكم ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعته يقول" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن شق عليهم فاشقق عليه"
وقد كان معاويه بن حديج، مواليا لمعاوية بن أبي سفيان ومن أكثر القادحين بعلي بن أبي طالب إلا أنه غضب لمقتل حجر بن عدي لإنه من نفس قبيلته كندة.
وعن علي ابن أبي طلحة مولى بني أمية قال" حج معاوية بن أبى سفيان ومعه معاوية بن حديج وكان من أسب الناس لعلي فمر في المدينة والحسن جالس في جماعة من أصحابه فأتاه رسول فقال:" أجب الحسن فأتاه فسلم عليه فقال له: أنت معاوية بن حديج؟ قال: نعم، قال:" فأنت الساب عليا ؟ فكأنه استحيى فقال: أما والله لئن وردت عليه الحوض وما أراك ترده لتجدنه مشمر الإزار على ساق يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الإبل قول الصادق المصدوق " وقد خاب من افترى " إلا أنه رغم وقوفه لجانب معاوية بن أبى سفيان، فقد غضب لمقتل حجر بن عدي وكان يومها بإفريقية وهى تونس، فقال:" يا أشقائي وأصحابي وخيرتي أنقاتل لقريش في الملك حتى إذا استقام لهم وقعوا يقتلوننا والله لئن أدركتها ثانية بمن أطاعني من اليمانية لأقولن لهم اعتزلوا بنا قريشا ودعوهم يقتل بعضهم بعضا"
وقد قال الذهبي بالسير:" قد كان ابن حديج ملكا مطاعا من أشراف كندة غضب لحجر بن عدي لانه كندي" وأما عن حجر بن عدي الكندي، فقد وفد على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه هانئ بن عدي، وقال غير واحد أنه وفد مع أخيه هانئ بن الأدبر، ولا رواية له عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد سمع من علي بن أبي طالب وعمار، وقيل: وهو من التابعين، وكان حجر بن عدي من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو ممن شهد الجمل وصفين معه، وحجر هذا مختلف في صحبته، وأكثر العلماء على أنه تابعي، وإلى هذا ذهب كل من البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان وغيرهم، ذكروه في التابعين وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، وقد قال عنه الحاكم، هو من الصحابة
تعليقات
إرسال تعليق