الدكرورى يكتب عن خالد بن عبد الله القسرى ( الجزء الأول ) إعداد / محمــــد الدكــــرورى
الدكرورى يكتب عن خالد بن عبد الله القسرى ( الجزء الأول )
إعداد / محمــــد الدكــــرورى
ومازال الحديث موصولا عن الخلافه الأمويه ومع القائد الأموى خالد بن عبد الله القسري البجلي، وهو قائد أموي وقد سكن دمشق ايام الأمويين وهو من بطن شق الكاهن، من بنو قسر وهم بنو مالك من قبيلة بجيلة، وكان يكنى أبا القاسم وقيل أبا الهيثم، وقد تباينت أقوال المراجع بشأن سيرته، فمنهم من ذمه وشتمه، ومنهم من مدحه وبجله، والأكثرون على ذمه لبغي فيه، وحتى قيل أنه هلك بسبب ذلك، إذ قتله الخليفة الأموي، ومعنى بجيلة هى قبيلة أنمارية قحطانية وبعض المصادر تنسبها إلى عدنان، وبجيلة هي بنت صعب بن علي بن سعد العشيرة، وهى امرأة تزوجها أنمار، فولدت له أولاداً أطلق عليهم اسم أمهم، ومنهم: عبقر، وصُهيبة، والغوث، وأشهل، وطريف، ومن أشهر بطون بجيلة بني مالك، وبنو مالك الملقب قسر،وهم بطن كبير من بطون قبيلة بجيلة، من أنمار، من كهلان.
وكان بعض بني قسر في تهامة، ثم تحولوا إلى السَّراة جنوب الطائف بين بلاد بَلحارث شمالاً وزهران جنوبا، وهى سراة بجيله قديما، وكان منهم الصحابي جرير بن عبد الله البجلي، وكان خالد بن عبد الله القسرى، هو من قتل الجعد بن درهم عندما كان واليا على العراق حيث قال قبل قتلة ياأيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فاني مضح بالجعد بن درهم لإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علواً كبيرا، والجعد بن درهم، كان أصله من خراسان، وقد أسلم هو وأبوه وصار من موالي بني مروان، وقد ولد في خراسان وهاجر بعد ذلك إلى دمشق حيث أقام هناك، وكان الجعد يعيش في حي للنصارى، حيث تأثر هناك بجو الآراء الفلسفية المسيحية التي كانت تثار حول طبيعة الإله، وكان يكثر من التردد إلى وهب بن منبه.
وعن وهب بن منبه هو أحد كبار التابعين، وكان الجعد بن درهم، كلما راح إلى وهب يغتسل ويقول اجمع للعقل، وكان يسأل وهباً عن صفات الله عز وجل، وكان وهب ينهاه عن ذلك، وقد أُعجب محمد بن مروان بالجعد بن درهم وبعقليته فاختاره ليكون معلماً لابنه مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وأما عن خالد القسرى، فهو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقد قال الزركلي في كتابه الأعلام، عن خالد القسرى هو الأمير الكبير أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز القسري البجلي وهو أمير مكة المكرمة سنة تسعه وثمانين من الهجره.
وكان يحكم للوليد بن عبد الملك، ثم كان بعد ذلك أمير العراقين لهشام بن عبد الملك سنة مائه وخمسه من الهجره، ثم عزل سنة مائه وعشرين من الهجره، وقد ولى هشام مكانه يوسف بن عمر الثقفي، روى عن أبيه، وروى عنه هو كل من سيار أبو الحكم وإسماعيل بن أوسط البجلي وإسماعيل بن أبي خالد البجلي، وله حديث في مسند الإمام أحمد، وآخر في سنن أبي داود، وهو رواه عن جده يزيد وكان صحابي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقيل لسيار: أتروي عن مثل خالد؟ فقال: إنه أشرف من أن يكذب، وكان خالد جواداً ممدوحاً معظماً عالي الرتبة من نبلاء الرجال، وله دار كبيرة في مربعة القز بدمشق، وهي التي صارت تعرف بدار الشريف اليزيدي، وإليه ينسب الحمام الذي مقابل قنطرة سنان بناحية باب توما، وأما عن الزركلى فهو خير الدين الزركلى وهو كاتب ومؤرخ وشاعر وقومي سوري.
وكان الزركلى والده تاجرًا دمشقيًا معروفًا، وتنقل الزركلى في عدد من البلاد العربية بين دمشق ومكة المكرمة والرياض والمدينة المنورة وعمان وبيروت والقاهرة، وغيرها، ولقد كان شاعراً يهاجم الاستعمار الفرنسي بشعره البديع، ويتعاون مع المجاهدين في مقاومة الفرنسيين، فما كان من الفرنسيين المستعمرين إلا أن يحكموا عليه بالإعدام أكثر من مرة، وكان يفلت من أيديهم في كل مرة، ويهجوهم هجاء مراً في شعره، وكان من أشهر مؤلفاته كتاب الأعلام، وهو من أكبر كتب التراجم العربية في العصر الحديث، وقضى في تأليفه وتجديده نحو ستين عاماً، إضافة إلى نحو عشره مؤلفات أخرى، منها ديوان الزركلي، الذي جُمعت فيه قصائده ونُشرت بعد وفاته، وأما عن خالد بن عبد الله، قد ولي مكة المكرمة ثم بعد ذلك ولي العراق والمشرق كله.
وقد قيل أن أم خالد بن عبد الله البجلي، كانت نصرانية، لذلك كان يعير بها، وأحياناً أخرى كان يعير بجده شق، وقد كان في الجاهلية كاهناً، ويقول ابن الأثير كانت أم خالد نصرانية رومية، وقد ابتنى بها أبوه عبد الله، في بعض أعيادهم فأولدها خالداً وأسداً، ولم تسلم أمه فذمه الناس والشعراء، وصار يعير بها، والثابت بالمراجع بأن خالداً هو حفيد الصحابيين يزيد بن أسد بن كرز القسري البجلي، وأسد بن كرز القسري البجلي، وأما عن يزيد بن أسد بن كرز البجلي، فهو ابن الصحابي أسد بن كرز بن عامر، وهو قائد يماني من الشجعان وذوي الرأي، وقد خرج مع بعوث المسلمين إلى الشام، فسكن دمشق وكان فيها من ثقات معاوية وخاصته، ولما حوصر عثمان بن عفان في المدينة، هب يزيد من دمشق لنجدته بأربعة آلاف فارس من بجيلة الذين بالشام، فوصلها بعد مقتل عثمان.
وقد روى خالد بن عبد الله البجلي عنهم الحديث الشريف، بمسند أحمد بن حنبل، وكان لخالد بن عبد الله القسري البجلي دور مؤثر بأحداث مكة المكرمة والعراق وخراسان خلال تولى السلطة فيها حقبة من الزمن، ففي سنة أربعه وتسعين من الهجره، فقد قبض خالد بن عبد الله البجلي على التابعي سعيد بن جبير بمكة المكرمة، وأرسله إلى الحجاج بن يوسف الثقفي بالعراق فقتل، وكان سعيد بن جبير، وهو الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد، أبو محمد، ويقال : أبو عبد الله الأسدي الوالبي، الكوفي، سعيد بن جبير الأسدي، وهو تابعي، وكان تقياً وعالماً بالدين، وقد درس العلم عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، وهو حبر الأمة وعن عبد الله بن عمر وعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، في المدينة المنورة، وقد سكن الكوفة ونشر العلم فيها وكان من علماء التابعين.
فأصبح إماماً ومعلماً لأهلها، وقد قتله الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان ذلك بسبب خروجه مع عبد الرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية، ويقول المؤرخ الزركلي عندما كان خالد بن عبد الله البجلي أميراً للبصره بعث أخاه أمية بن عبد الله البجلي في جند كثيف لقتال أبي فديك الحروري وهو عبد الله بن ثور بن قيس التغلبي، ومن معه من الخوارج بعدما تغلبوا على البحرين وما والاها البحرين وهى الشريط الساحلي الشرقي لجزيرة العرب حتى منطقة كاظمة الكويتية، وفي عام مائه وخمسه من الهجره، ولاه هشام بن عبد الملك العراق والمشرق كله، وبعهده حدثت عدة حوادث وأحداث، منها خروج المغيرة بن سعيد البجلي الكوفي في سنة مائه وتسعة عشر من الهجره، وقيامه بممارسة أعمال السحر والشعوذة، فتغلب عليه خالد البجلي وقتله، وقام بصلبه عبرة لغيره، ويقال أحرقه.
وأما عن أبو فديك فهو عبد الله بن قيس بن ثعلبة التغلبي، وهو ثائر من الخوارج الحرورية، وقد اتبع في البداية نافع بن الأزرق، ثم تولى إِمرةَ الخوارج بعد مقتل نجدة الحروري عام تسعه وستين من الهجره، وكانوا يسيطرون على البحرين، وما جاورها أيام حكم عبد الله بن الزبير وهو الخليفة في الحجاز فى ذلك الوقت، وقد ثار أبو فديك عام اثنين وسبعين من الهجره، في البحرين، واستولى عليها، فأرسل له خالد بن عبد الله الأموي، أمير العراق، أخاه أمية على رأس جيش لكنه هُزم، فما كان من عبد الملك بن مروان وهو الخليفة في الشام، فى ذلك الوقت، إلا أن أرسل جيشاً من عشرة الآلاف مقاتل فقضى عليه بعد أن حاصرهم في المُشقر وذلك في عام ثلاثه وسبعين من الهجره، وأما عن مقتل الجعد بن درهم، فكان خالد بن عبد الله هو الذي قبض على الجعد بن درهم.
وعندما كان خالد القسري أميراً لمكة المكرمة صفح باب الكعبة والميزاب والأساطين بثلاثين ألف دينار وقد سيرها إليه الوليد بن عبد الملك وقيل إن باب الكوفة الذي على سور مدينة بغداد هو من عمل خالد بن عبد الله القسري البجلي، وقد نقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى مدينة بغداد أيام الدولة العباسية، وقد خطب خالد البجلي بواسط، فقال: " إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعظم الناس عفوا من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل عن قطيعة، وخطب خالد بواسط فقال: يا أيها الناس، تنافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، ولا تعتدوا بمعروف لم تعجلوه، ومهما يكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها، فالله أحسن له جزاء وأجزل عطاء، واعلموا أن حوائج الناس إليكم نعم فلا تملوها فتحور نقما "
تعليقات
إرسال تعليق