إلى ابنتي سارة . 📰 بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
إلى ابنتي سارة .
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
إلى سويداءِ القلبِ ، وبهجةِ النفسِ ، وقرّةِ العينِ ، وثمرةِ الفؤادِ .
إلى من هي بضعٌ مني بيْدَ أنَّها أعزُّ على نفسي من نفسي إلى ابنتي سارة :
لتعلمي يا صغيرتي أني سميّتك " سارة " لتسرّي من يراكِ ، فكنتُ أنا أولَ من سُرَّ بك ، ولم أكن آخرهم ؛ لأنَّ اللهَ قد وضعَ لكِ قبولاً في نفوسِ من يروكِ ، وحبَّاً في قلوبِ من يعاملوكِ .
فلذةَ كبدي ، شاءت إرادةُ اللهِ - عزَّ وجلَّ - أن أُبتلى فيكِ ، ووقفت ظروفي حائلاً بيني وبينَ الوصولِ إليك ، والوقوفِ بجانبك في محنتك علَّ ذلك يخفّفُ من وقعِ الآلامِ عليك ، ولكنَّ يقيني أن اللهَ أرحمُ بك مني ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .
نورَ عيني " سارة " ، لقد اتهمتُ نفسي من أجلك ، وخشيتُ أن يكونَ شؤمُ معصيتي قد طالك ، أو أنَّ غلبةَ شقوتي قد نالت منك ، فبكيتُ دماً - ولا أزالُ - ، واشتعلت في أحشائي نيرانٌ لم يخمدها إلا قولُ رسولنا - ﷺ - : " ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه . لا يجني والدٌ على ولده ، ولا مولودٌ على والده " رواه ابنُ ماجه .
صغيرتي ، لكم تألمتُ ، ولكم توجعتُ ، ولكم تجرعتُ مرارةَ الآلامِ ، ومرارةَ الاغترابِ ، وحرماني منكم ، وحرمانكم مني - وهذا قدرٌ - ، ولكن واللهِ يا بنيتي ما شعرتُ بفداحةِ الألمِ ، ومرارةِ الأسى إلا في مُصابكِ ، وواللهِ لو يُحملُ الداءُ لحملته عنكِ ، ولو كان الدواءُ من جسدي لاستقطعته لكِ ، ولو تُوصلُ الأعمارُ يا صغيرتي لوصلتُ من عمري عمركِ .
صغيرتي وحبيبتي ، هاهو قلبي يئنُ حزناً عليك ، وترسلُ شفاهي أحرَّ القبلاتِ لرأسكِ ويديكِ ، ولساني يلهجُ بالدعاءِ آناءَ الليلِ ، وأطرافَ النهارِ عسى ربي أن يعافيكِ ويعفو عنكِ ، ويخلّصكِ مما ألمَّ بك ، وأن ينظرَ إليكِ بعينِ الرحمةِ ، وأن تشفعَ لكِ طفولتك ، وبراءتك عنده ، وأن يكونَ عند ظنّكِ به ، وواللهِ ما لمستُ ثقةً باللهِ كثقتكِ يا حبيبتي عندما قلتِ : " أنا دعيت ربنا وهو مش هيخذلني " ، فوجدتُ لذلك برداً في قلبي ، وطمأنينةً في نفسي ، ويقيناً بأنه - سبحانه وتعالى - لن يسلمكِ ، ولن يخذلكِ ، فاطمأنَ قلبي ، وأستودعتكِ إياه ؛ ليحفظكِ بما يحفظُ به عباده الصالحين ، إنَّه وليُّ ذلك والقادرُ عليه .
تعليقات
إرسال تعليق