كيف احيا حياه سعيدة مع وجود المرض والآلم بقلم /دكتورة دعاء الغندور مستشار أسري وتربوي وأخصائي تربيه خاصه وأخصائي صحه نفسيه
كيف احيا حياه سعيدة مع وجود المرض والآلم
بقلم /دكتورة دعاء الغندور مستشار أسري وتربوي وأخصائي تربيه خاصه وأخصائي صحه نفسيه
الصحه تاج فوق الرؤوس
يالَه مِن قَولٍ بليغٍ وصائب. إنّنا بكلّ أَسَف ما إن يحلّ بنا المرض وآلامه، إلاّ ونجد أنفُسَنا مُرتبكين ومُتحيّرين وبائسين، نجري يميناً وشمالاً علّنا نجد الطّريق إلى الشّفاء ممّا يلمُّ بنا من متاعب وآلام. إن كان لديّ مرض فكيف يُمكنني أن أتواءم معه وأتقبّل ذلك بنَفْس راضية؟ هل من رجاء لحياة سعيدة حتّى رغم المرض والألم؟ وكيف يُمكنني أن أساعد من يُعانون من المرض؟.
• كيف ينبغي عليّ أن أتصرّف إن أَلَمّ بي المرض؟
إنّ المرض ليس هو نهاية المطاف، ومادُمنا قد قُلنا لتوّنا أنّ هذه هي سُنّة الحياة، فإنّه يكون لِزاماً علينا أن نتعلّم كيف نُروّض المرض، وكيف نهزمه بدلاً من أن يهزمنا، وأن نسعى للوصول للحدِّ الأدنى من الخسائر أثناء فترة مرضنا، ونُعجّل بالشِّفاء. وفي هذ الصَّدد يُمكنني أن أقترح بعض الأمور العمليّة التي أُشجّعك إن ألمّ بك المرض أن تلتفت إليها جيّداً، وهي:
- أنت أوّلاً طبيب نَفْسِك!. وأقصد بهذا، اتَّبع كلّ التّعليمات والعادات الصّحيّة السّليمة واتَّبع إرشادات الأطبّاء بكلّ دقّة، دون تهاوُن أو تخاذُل، فهذا ينفعك كثيراً في طريقك للصِّحّة والسَّلامة.
- اعلَم أنّ الاتّجاه الذّهني مهمٌّ جدّاً في أوقات المرض، أي عليك أن تتبنّى الجانب الإيجابي في نظرتك للأمر. أنت تحتاج في أوقات المرض (وفي كلّ ظروفك الصّعبة) أن تَشحَذَ هِمّتك وأن تُلاحظ نَفْسَك واتّجاهك الذّهني، فاتّجاهك الذّهني الإيجابي وقت المرض يلعب دوراً مُهمّاً في تعافيك وقدرتك على المُقاومة. لذا مهما كانت طبيعة المرض أو شدّته، ثِقْ أنّ الله بجانبك، وأنّه صالح مهما حدث، وهو لن يتركك. لهذا، صمّم أن تكون قويّاً.
- بِنَفْس المنطق السّابق، لا تستسلم للمشاعر السّلبيّة أو الشّفَقة على النَّفْس إن أتتك في شدّة الألم أو التعب وهي تُحاول أن تنال منك، فهذا يُضعِف عزيمتك ويُقلّل من قُدرتك. هذا بحدّ ذاته هو نصف الطّريق للعلاج والتّعافي.
- حاول أن تُمارس حياتك بطريقة طبيعيّة، لا تنغلق ولا تنعزل ولا تأخذ جانباً. اعلَم أنّ الانفتاح والاختلاط بالمُحيطين والمُحبِّين يُخفّف كثيراً من وطأة الألم والمرض، كذلك أيضاً، افعَل أيَّ شيءٍ تُحِبّ أن تُمارسه (من هوايات أو عادات مُفيدة وبنّاءة مثل الرياضة -إن أمكن ـ أو القراءة أو التّأليف ... إلخ) فهذا يُخفِّف من حِدّة شعورك بالمرض.
- اجعَل الاقتراب من الله سلاحك الفعّال في مُواجهتك للمرض.
• نصائح عمليّة عند الاحتياج لدخول المستشفى
كيف أتهيّأ للدُّخول؟
- ـ يحتاج الأمر منّي بساطة ومُرونة وعدم الرَّفض أو المُقاومة.
- ـ أحتاج أن أحمل معي كلّ الضّروريّات المُهمّة والتي لا يُمكنني الاستغناء عنها (أدوية وعلاجات، نظّارات طبيّة، .... إلخ).
- لأحمل معي بعض وسائل التّسلية أو التّرفيه التي يُمكن أن تُساعد في تسلِيَتي والتّرويح عنّي، لاسيّما إن كانت مُدّة أقامتي ستطول وكُنت في وعيي (ككُتب لأقرأها، بعض المُسابقات ووسائل التّسلية لا سيّما لأولئك الّذين في أعمار صغيرة).
- كتاب الله سيكون رفيقاً مُهمّاً ومُشجِّعاً بالنّسبة لي طوال مُدّة إقامتي بالمُستشفى.
- بعض الأموال القليلة (السّيولة) بالإضافة لبطاقة الائتمان لو كان ذلك مُتاحاً، عَلَيَّ أن أحملهم معي لأنّني قَطعاً سأحتاج إليهم.
- لا يُمكن بالطّبع أن أذهب دون اصطحاب كلّ صُوَر الأشعّة والتّحاليل والتّقارير الطبيّة وأذونات صرف العلاج، وكلّ الأوراق والمُستندات التي تُعرِّف تاريخي الطّبِّي، فهذه الأوراق ذات نفع عظيم لي هُناك ولا يُمكن بأيّ حال إغفالها أو الاستغناء عنها.
- أخيراً، لأتذكّر جيّداً أنّ المرض قد يكسِر الجسد ولكنّه لا يستطيع أن يكسِر الإرادة. لذا، لتكن معنويّاتي مُرتفعة، ولأكُن مُطمئنّاً أنّ الله يرعاني وهو يُحبّني ويهتمّ بي، فأُسلّم ذاتي له بكلّ خضوع واطمئنان.
• زمن وجودي في المستشفى، كيف أقضيه؟
من أروع الأمور التي يُمكنني أن أتعلّمها وأعملها، هي كيف أكون مريضاً وأَخرُج من ذاتي وآلامي لأُساعد ولأخدُم الآخَرين كي ينتصروا هُمْ على المرض ويغلبونه. ففي المُستشفيات يُمكننا أن نجد، بكلّ أسف، غالبيّة كبيرة من النّاس يتألّمون وهُم يتذمّرون ويكونون فاقِدي الأمل أو الرّجاء، يملؤهم اليأس والقُنوط من جهة أمر شفائهم، لاسيّما إن كانوا من ذوي الأمراض المُتوطِّنة (المُزمِنة)، أو إن كان بقاؤهم في المُستشفى قد يطول لأَمَدٍ بعيد.
والبعض في المُستشفيات أيضاً قد لا يجدون من يسأل عنهم أو يزورهم ويفتقدهم، كلّ هؤلاء إنّما هُم بحاجة ماسّة لِمَن يهتمّ بِهُم ويُشجّعهم. إنّ خدمة المرضى من خلال مريض تحت العلاج مثلهم، ويُقيم معهم في نفس المكان، يُعاني ممّا قد يُعانون ويجتاز نَفْس خبراتهم أو مشاكلهم الصحيّة ومُعاناتهم، إنّما تكون ذات نفع عظيم وتأثير كبير، وتعود بالفائدة على الطّرَفَين معاً، المريض الذي يُعاني والآخَر الذي يهتمّ، فكلاهُما يجد في هذه الخدمة نوعاً من الدّعم والتّشجيع له!.
• هل من رجاء لحياة سعيدة حتّى رغم المرض والألم؟.
الإجابة هي: بكلّ تأكيد نعم، فالله قادر أن يُعطيك نعمة وقوّة وبَرَكة ترتفع بها فوق الضِّيق والمرض والألم، إنّ السّعادة الحقيقيّة إنّما هي تنبع من القلب المُمتلِىء بمحبّة الله والمُدرِك أنّ كلّ عطاياه وكلّ ما يسمح به هو خَير وصلاح. صديقي، أرجوك لا تسمح للمرض إن أتاك أن يُفقِدك سلامك وهدوءك وأمنك، وعندها ستكون الخسارة خسارَتَين. بل اتركه يفتح لك طاقة أمل ورجاء وحُبّ وإحساس بالمُتعبين أكثر. دَع تعبك أو مرضك يُقرّبك من الله أكثر. لا تستسلم للضّيقات بل تمتّع برعاية الله ، واقبَل ما يسمح لك به مهما كان، وثِقْ أنّه سيَرفَعك.
تعليقات
إرسال تعليق